أيام قليلة ونشهد 2021، أول سنة فى العقد الثالث للقرن 21، وقد حلمت فيما يرى النائم الصور التالية: إعادة صياغة لمفهوم وصور الحكم وعلاقات الشعوب، بعد سقوط قناعات عالمية عن فعالية التكتلات الحالية واغتيال آثار كورونا للوعي الجمعي العالمي. ليعاد تقسيم الجغرافيا لاستثمارات المستقبل، على أسس المناخ والأمن البيئي ووعي السكان وقابليتهم للتعليم والتدريب كأولويات تُحسب مع الموارد الطبيعية. تغيير لمقاييس القوة الدولية ومعايير التقدم ووظيفة العلم والتقنية.
تغير رمز قيادة العالم وجهاده للبقاء بالقمة باستغلال أشكال الرأسمالية، بأزمات اقتصادية مختلقة كأثر لاقتصاد كورونا، ليعاد تدوير المال فيه بأشكال مختلفة.
ظهور متدرج القوة لصور متطورة من الاقتصاد الإسلامى فى مواجهة صناعة الربا. خلخلة الرأسمالية العالمية وإحراج الدولار وبزوغ عملات جديدة، مع سنوات من تضارب المصالح وصراع أيديولوجيات، ونجاة ائتلافية تكمل مخطط السيطرة العالمية بأشكال جديدة. ظهور تحالفات قوى وعلاقات جديدة فرضتها كورونا، ستحل تدريجيًّا محل التقسيمات الحالية. العديد من الاتحادات والتحالفات والمنظمات سيعاد ترتيبها وتوزيع إرثها. ظهور وعى دينى روحى متدرج الاستنارة، يزاوج باعتدال بين صحة العقل والقلب والروح والبدن، وتختفى فيه الطقوس وميراث الغموض والسطوة وتأليه الرموز، للتحليق فى أصول الشرع الصافى الواحد، بعيدًا عن التشريعات الأرضية والتفسيرات التراثية.
بزوغ منظمات عالمية إنسانية جديدة خارج الحكومات، بسطوة مختلفة تؤثر فى صناعة القانون والاقتصاد والتعليم والثقافة، وتكون بداية نهاية المنظمات الدولية الحالية. ظهور 3 كيانات دولية مستقلة ـ بتفويضات حكومية ـ تقسم عليها إدارة الأزمات القادمة على مستوى القارات. سيكون العالم الجديد انتقائيًّا، موجهًا، محفوفًا بالمحاولات والتجارب التى تضمن بقاء نوع مميز، وعليه سيكون العلم والعلماء والتقنية والصناع هم رواد وضباط الغد. ستؤسس قيادة الجموع والقطيع على وجود وترابط وتفاعل قواعد البيانات العملاقة، وستكون الملفات الصحية أخطر وأهم من السجلات الجنائية! انتكاسة صناعة الترفيه الحالية، بعد العلاج ووعى البشر بحجم الكارثة، لاستيقاظ الوعى بخطورة إدمان السطحية واللامبالاة والفشل والتفشيل والعنف والتدمير، لتسنّ قواعد جديدة أكثر اعتدالًا تخاطب فن البقاء وليس تجميل الفناء.
تغيرات هيكلية بصناعة الأسرة، وانحسار تدريجى بصناعة الدعارة العالمية أو تحويطها بمحاذير صحية مشددة ومكلفة، وظهور صور تعويضية لعلاقات اجتماعية جديدة. ظهور ما بعد النقود البلاستيكية وماكينات الصرف الآلى والعملات الافتراضية، لضمان فاعلية العين التى ترى كل شيء. استمرار مختلف لصناعة وأدوات الحرب، لتغير مفهومها وميادينها وظهور جنرالات جدد تقاس قوتهم بالإحياء المشروط وليس الإفناء المتغابي. (تأميم) فيسبوك إن جاز ذلك، أو تفكيكه أو تأسيس منصات موازية لإدارة العالم الافتراضى. ظهور سوق سوداء محلية وإقليمية وعالمية لترويج الملفوظ من قيم العالم الجديد (عملًا وفنًّا وفكرًا ودينًا) لتمسّك الجُدد بمحاولات الاستمرار بنجاة مشروطة بالانضباط. استثمارات خيالية فى الزراعة وتحلية المياه والطاقة والدواء وتنفيذ مئات الآلاف من الاختراعات العلمية.
إعادة اكتشاف وتطوير صور الروابط والعلاقات البينية بين القانون والتعليم والتقنية والتدريب والموارد البشرية ونظم العمل والتأمينات والضرائب. تطوير بروتوكولات التعاون وتنافس واحتكار وتلاعب وتنسيق شركات الدواء والسلاح والبنوك والمخدرات فى حكم العالم. استمرار مناطق/ جماعات منغلقة تطويريًّا، فتنقلب إلى توابع بحتة وسلات قمامة للعالم الجديد. تقلص تدريجى فى سيطرة الشكليات الدينية، وظهور محاولات فهم واستيعاب شرع الله فى أساسه وسبب احتياج الإنسان له وأيسر طرق تطبيقه الحياة، لتكون بوابة السلام النفسى وبداية التغيرات الاجتماعية والأسرية.
اختراع صيغ جديدة لهدم مسلّمات وإعادة تسمية لثوابت وتدجين مخاوف، لاستنبات أجيال تعتبر الخيانة أفاقة. فرز وإعادة تدوير المخلفات الشخصية والمجتمعية (المادية والفكرية والتراثية والفنية) سيكون بداية لتشكيل ملامح عصر ثقافى ومعرفى جديد، يسن قواعد حياة صحية وعادات ونظم عمل وسلوكيات إيجابية، تمهيدًا لظهور بنية إنسانية أكثر مناعة صحيًّا وفكريًّا وماليًّا، لخدمة السادة الجدد. الحياة بالأولويات والعمل بنتائج وتعديل وظيفة الترفيه، ستظهر منتجات جديدة تناسب تجويد الأداء وشحذه وليس فقط التسلية. استحداث منتجات تقنية تعالج سرعة ودقة الترجمة الفورية، لتحقيق منظومة المواطن الرقمى العالمى وتقارب الثقافات وتوحيد المفاهيم وعالمية التعليم والتدريب والعلاج. مزيد من إلهاء الثعبان الأرقط بألعاب الدب والنسر والعنكبوت، ليفرخ الظلام طيورًا جديدة تحمل مُدنًا على أجنحتها وبراكين بمخالبها.
- محامى وكاتب مصرى