"أزمة مالية خانقة".. رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا يتعهد بإعادة الإعمار

خزائن الدولة تحتوي فقط على الليرة السورية التي أصبحت عديمة القيمة تقريبًا

"أزمة مالية خانقة".. رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا يتعهد بإعادة الإعمار
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

7:33 م, الأربعاء, 11 ديسمبر 24

وسط أزمة عملة خانقة ووعود بإعادة اللاجئين، أكد رئيس الوزراء السوري المؤقت محمد البشير، عزمه إعادة ملايين اللاجئين السوريين، وحماية جميع المواطنين، وتوفير الخدمات الأساسية، لكنه أقر بأن التحديات المالية تشكل عقبة كبيرة. وأوضح في مقابلة مع صحيفة إل كورييري ديلا سيرا الإيطالية أن خزائن الدولة تحتوي فقط على الليرة السورية التي أصبحت عديمة القيمة تقريبًا؛ حيث يعادل الدولار الأمريكي 35,000 ليرة. وأكد قائلاً: “نحن نعاني من أزمة عملة أجنبية، وما زلنا نجمع البيانات بشأن القروض والسندات، ولذلك، نعم، وضعنا المالي سيئ للغاية”.

وفي وقت سابق، قال قائد “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع إن سوريا “ليست جاهزة ولا تنوي الدخول في حروب أخرى”.
وأضاف الشرع في تصريحات لشبكة “سكاي نيوز” أن تخوفات الدول الخارجية بشأن الأوضاع في سوريا لا داعي لها، فالنظام “الذي كان موجودًا قد زال”، مشيرًا إلى أن مصدر القلق في سوريا تمثّل في الماضي في وجود ما وصفها بـ “الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله” على الأراضي السورية، ووجود النظام الذي “ارتكب المجازر” على حد تعبيره.

ووصف الشرع زوال النظام السابق في سوريا بـ “الحل، ومصدر الاطمئنان لسوريا” على عكس بقائه، مضيفًا أن البلاد ذاهبة باتجاه “البناء والإعمار والاستقرار الطويل”.

الانتقال السياسي وضغوط دولية

بشير، الذي كان يدير حكومة الإنقاذ بقيادة المعارضة في شمال غرب سوريا، تسلم السلطة بعد هجوم خاطف استمر 12 يومًا أطاح بحكم الرئيس بشار الأسد. ودعت الولايات المتحدة المعارضة بقيادة “هيئة تحرير الشام” (HTS) إلى تشكيل حكومة انتقالية شاملة، مع احترام حقوق الأقليات وضمان تدفق المساعدات الإنسانية ومنع استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب. وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان أن الحكومة الجديدة يجب أن تلتزم بضمان الاستقرار الإقليمي، وحماية حقوق الجميع.

تحديات إعادة الإعمار والنزوح

إعادة إعمار سوريا تمثل مهمة هائلة بعد حرب أهلية دمرت المدن وأفرغت مساحات واسعة من السكان، وأثرت بشدة على الاقتصاد بسبب العقوبات الدولية. مع توقف العديد من الدول الأوروبية عن استقبال اللاجئين السوريين، بدأ بعض اللاجئين في العودة إلى وطنهم.

على الحدود التركية السورية، أعرب علاء جابر عن مشاعره المختلطة أثناء عبوره مع ابنته الصغيرة إلى سوريا، بعد أن فقد زوجته وثلاثة من أبنائه في الزلازل المدمرة العام الماضي. وقال: “السبب الأهم لعودتي هو رعاية والدتي لابنتي، حتى أتمكن من العمل”.

استئناف الحياة في دمشق

في دمشق، بدأت الحياة تعود تدريجيًا إلى طبيعتها مع فتح البنوك والمتاجر وعودة الحركة إلى الشوارع. كما شهدت العاصمة تقليصًا للوجود المسلح في أعقاب سقوط نظام الأسد.

موقف واشنطن الحذر

بينما تعمل واشنطن على تحديد طريقة تعاملها مع الجماعات المتمردة، أكد مسؤولون أمريكيون أن نحو 900 جندي أمريكي سيبقون في سوريا لأغراض مكافحة الإرهاب. وأوضح مسؤولون أن واشنطن طلبت من “هيئة تحرير الشام” المساعدة في تحديد مكان الصحفي الأمريكي أوستن تايس الذي اختفى في سوريا منذ 2012.

التوترات الإسرائيلية

في سياق منفصل، قامت إسرائيل بضربات جوية استهدفت مواقع للجيش السوري لمنع نقل الأسلحة الاستراتيجية، وأعلنت عن نيتها إنشاء منطقة دفاعية معزولة في جنوب سوريا. وعلى الرغم من إدانات تركيا ومصر وقطر والسعودية للتدخل الإسرائيلي، أكدت إسرائيل أن وجودها مؤقت.

تشكل هذه التدخلات الإسرائيلية تحديًا إضافيًا للحكومة السورية المؤقتة، التي تواجه بالفعل ضغوطًا محلية ودولية هائلة.

قال الكرملين الأربعاء إنه يريد أن “يستقر الوضع في أسرع وقت ممكن” في سوريا بعد سقوط حليفه بشار الأسد، ودان الضربات التي نفذتها إسرائيل في البلاد ودخول قواتها المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال مؤتمر صحفي “نود أن يستقر الوضع في البلاد في أسرع وقت ممكن، بطريقة أو بأخرى”، مضيفا أن “الضربات والتحركات في مرتفعات الجولان والمنطقة العازلة لا تساهم” في ذلك.

وكان الجيش الإسرائيلي قد اعلن الثلاثاء أنه ضرب معظم مخزون الأسلحة الاستراتيجية في سوريا لـ “منع وقوعها في أيدي عناصر إرهابية”.

وأضاف الجيش أن عملياته شملت منشآت بحرية وقواعد جوية ومخازن أسلحة وبطاريات دفاع جوي، وأن سفنه الحربية استهدفت ميناءي اللاذقية والبيضاء، “حيث ترسو 15 سفينة حربية سورية”، ودمّر عدداً من الصواريخ البحرية.

وقال الجيش إن طائراته الحربية نفذت مئات الغارات خلال 48 ساعة في دمشق وحمص وطرطوس واللاذقية ومناطق أخرى، استهدفت قواعد جوية، ومواقع لتصنيع الأسلحة، وبطاريات دفاع جوي، ودمّر خلال الغارات صواريخ من أنواع متعددة، وطائرات مسيّرة، وطائرات حربية، ومروحيات، ورادارات، ودبابات، إضافة إلى مخازن أسلحة، ومنشآت عسكرية أخرى.