مع العدّ التنازلى للشهر السابق على الانتخابات الرئاسية الأميركية 4 نوفمبر التالى، إذ بالمرشح الجمهورى الرئيس «ترامب» تصيبه العدوى الفيروسية «كورونا»، ما بين مرض ليس غير داهم أو تمارض محتمل لحصد تعاطف شعبى، لربما قد يؤدى إلى تأجيل الانتخابات التى تسجل أرقام استطلاعات الرأى بشأنها.. تراجع فرص «ترامب» بنحو عشر نقاط عن منافسه الديمقراطى «بايدن»، سواء من بعد المناظرة بينهما لصالح الأخير أو بالنسبة للمناظرتين التاليتين المرجح توصلهما- بحسب المراقبين- لنفس النتيجة لصالح «بايدن» الذى لم يسلم من مزاجية «ترامب» الذى يصفه بـ«النعسان»، وحيث سبق للرئيس طرح وعيده الرئاسى نهاية يوليو الماضى بتأجيل الانتخابات لأسباب يراها منطقية، لم يأت خلالها بطبيعة الحال.. عن احتمال هزيمته أو مرضه، باستثناء خشيته المتكتمة من سلبية التوابع الصحية والاقتصادية للجائحة وما إليها.. إذ تقع مسئوليتها على سوء إدارته لأزماتها، محل الاستهداف من الحزب الديمقراطى لإسقاطه، هذا من ناحية، وإلا من مخاوف تنتاب حلفاءه الأوروبيين من ناحية ثانية من تعميق الشرخ عبر الأطلنطى تدفعهم للسعى إلى خسارة «ترامب» انتخابياً، خاصة أن الأمور ستكون «أسهل»- بحسب وزير بريطاني- لو فاز «بايدن» فى السباق الانتخابى، كما من المرجح لخسارته المحتملة من ناحية ثالثة تغير المناخ الانتخابى الذى سبق أن أدى إلى نجاح «ترامب» فى 2016 ذلك بسبب تحالف الكاثوليك (الأقرب إلى الحزب الديمقراطي) مع الإنجيليين البروتستات (القاعدة الانتخابية الصلبة مع «ترامب» من المسيحية الصهيونية)، الأمر الذى دفع الرئيس للمسارعة فى استرضاء الكاثوليك باختياره إحدى أصولياتهم لرئاسة المحكمة العليا، ما ينتقص من شعبية «بايدن» الذى لو ربح الانتخابات.. لأصبح ثانى رئيس كاثوليكي- بعد كينيدي- فى التاريخ السياسى للولايات المتحدة، ذلك فيما يجدر الإشارة فى هذا المقام.. إلى تحول نائب الرئيس الحالى «بنس» فى وقت لاحق من الكاثوليكية بالمنشأ إلى البروتستانية الإنجيلية، وليتوازى مع هذا السياق- تقسيم مجتمعي- يتصادم مع الشق العنصرى بوصفه تمييز طبقى بامتياز، كشفت عنه المظاهرات المتسمة بالعنصرية التى جابت مؤخراً شوارع العديد من المدن الأميركية، لم يرعوى «ترامب» فى منافسته الانتخابية عن اتهام «ذوى الخيالات الداكنة» بالتحكم فى المرشح الديمقراطى «بايدن»، ولكى يحمله من ثم مسئولية تنامى «الفاشية» فى البلاد، وما إلى ذلك من اتساع شقة قضايا خلافية بين الحزبين الكبيرين، ومرشحاهما الرئاسيان، ما ينعكس بشكل سلبى غير مسبوق على مستقبل الأوضاع الداخلية الأميركية، التى من الطبيعى أن تنعكس آثارها على وضعية التحركات الخارجية من فوق سطح ساخن أياً كان القادم المنتظر إلى البيت الأبيض، وعن ماهية السياسة الأميركية فيما بعد الانتخابات، سواء فى منطقة الشرق الأوسط.. حيث تراهن إيران على إسقاط «ترامب» لأسبابها، فيما تحبس دول الخليج العربية أنفاسها خشية غيابه.. إذ يشاركها فى ذلك القلق «نتنياهو» أكبر الخاسرين حال فوز «بايدن».. الذى لن يكون بمقدوره آنذاك تغيير الأوضاع فى سوريا والعراق، فيما مصر فى وضعية الانتظار لما سوف تسفر عنه نتائج الانتخابات لأى من المرشحين.. إذ لكل حادث عندئذ حديث، أما عن الشرق الأقصى فإن الصين الراغبة لأسبابها فى غياب «ترامب».. فإنها تتوقع سعى «بايدن» لاحتواء الخلافات.. والتوصل من ثم إلى اتفاقيات مرضية بينهما، فيما قد يزداد الاحتكاك بينه مع روسيا، عكس سياسة أجندة «ترامب» الساعية إلى إعادة عضوية روسيا إلى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، ذلك فيما سيعمل «بايدن» حال فوزه لاستعادة زخم التحالف مع أوروبا وترميم الشرخ بينهما، إلا أن الولايات المتحدة سواء فاز أو خسر كل من «بايدن» (النعسان) أو «ترامب» (المزاجىّ).. لن تكون بنفس القوة «الأحادية» التى كانت عليها قبل ثلاثة عقود، بل ستكون أكثر تقبلاً لواقع دولى جديد تعددى القطبية.
End of current post