«أوبك +» تقرر خفض إنتاج النفط 2 مليون برميل يوميا وتصعد المواجهة مع الولايات المتحدة

من شأن تمرير هذا الخفض الكبير التسبب في رفع أسعار البنزين في الولايات المتحدة

«أوبك +» تقرر خفض إنتاج النفط 2 مليون برميل يوميا وتصعد المواجهة مع الولايات المتحدة
أيمن عزام

أيمن عزام

4:26 م, الأربعاء, 5 أكتوبر 22

وافق وزراء الطاقة الذين حضروا اجتماع منظمة “أوبك+” على خفض إنتاج النفط بنحو 2 مليون برميل يوميا، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر من داخل الاجتماع.

وقامت إدارة جو بايدن بحملة ضغط واسعة النطاق في محاولة أخيرة لثني الحلفاء في الشرق الأوسط عن خفض إنتاج النفط بشكل كبير، بحسب شبكة “سي إن إن”.

ودشنت إدارة بايدن هذه الحملة قبل انعقاد الاجتماع الحاسم، اليوم الأربعاء، لمنظمة “أوبك +” التكتل الدولي لمنتجي النفط بعد أن علمت بنية خفض الإنتاج بأكثر من مليون برميل يوميا.

خفض إنتاج النفط

 ومن شأن تمرير هذا الخفض الكبير التسبب في رفع أسعار البنزين في الولايات المتحدة في وقت محفوف بالمخاطر بالنسبة لإدارة بايدن، قبل 5 أسابيع فقط من انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.

وخلال الأيام العديدة الماضية، تم تجنيد كبار مسئولي الطاقة والاقتصاد والسياسة الخارجية في إدارة بايدن للضغط على نظرائهم الأجانب في دول الشرق الأوسط الحليفة وكان منها الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للتصويت ضد خفض إنتاج النفط.

ووفقا للمسودة التي أرسلها البيت الأبيض إلى وزارة الخزانة، يوم الإثنين، والتي حصلت عليها شبكة  “سي إن إن”، فإنها وصفت احتمال خفض إنتاج النفط بأنه “كارثة كاملة”، وحذرت من أنه يمكن اعتباره “عملا عدائيا”.

وقال مسئول أمريكي عما تم وصفه بأنه جهد إداري واسع من المتوقع أن يستمر في الفترة التي تسبق اجتماع “أوبك +” إنه “من المهم أن يدرك الجميع الخطورة التي تمثلها تلك المخاطر”.

وذكر مسئول أمريكي آخر أن البيت الأبيض “يعاني من حالة من الذعر والهلع”، واصفا جهود الإدارة الأخيرة بأنها تعكس تصميما من أجل تحقيق ما تهدف إليه.

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أدريان واتسون، في بيان لشبكة  سي إن إن :” لقد أوضحنا أن إمدادات الطاقة يجب أن تلبي الطلب لدعم النمو الاقتصادي وخفض الأسعار للمستهلكين في جميع أنحاء العالم، وسنواصل التحدث مع شركائنا حول ذلك”.

توقيت سيئ

وبالنسبة لبايدن، فلا يمكن أن يأتي الخفض الدراماتيكي في إنتاج النفط في وقت أسوأ.

فقد انخرطت الإدارة الأمريكية منذ شهور في جهود مكثفة في السياسة الداخلية والخارجية للتخفيف من ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبدا أن هذا العمل يؤتي ثماره، حيث انخفضت أسعار البنزين في الولايات المتحدة لما يقرب من 100 يوم على التوالي.

ولكن مع بقاء شهر واحد فقط قبل الانتخابات النصفية الحاسمة، بدأت أسعار البنزين في الولايات المتحدة في الارتفاع مرة أخرى، مما يشكل خطرا سياسيا يحاول البيت الأبيض تجنبه بشدة.

وقد رفضت “واتسون” التعليق على الانتخابات النصفية، قائلة بدلاً من ذلك إنه “بفضل جهود الرئيس (بايدن)، انخفضت أسعار الطاقة بشكل حاد من مستوياتها المرتفعة والمستهلكون الأمريكيون يدفعون أقل بكثير”.

جميع الجهود مطلوبة

ولعب عاموس هوشستين، كبير مبعوثي الطاقة للرئيس الأمريكي، دورا رائدا في جهود الضغط، والتي كانت أكثر شمولا بكثير مما سبق وسط قلق شديد في البيت الأبيض بشأن الخفض المحتمل.

وقد سافر “هوشستين” مع كبير مسئولي الأمن القومي الأمريكي بريت ماكغورك والمبعوث الخاص الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، إلى الرياض أواخر الشهر الماضي لمناقشة مجموعة من القضايا المتعلقة بالطاقة والأمن كمتابعة لزيارة بايدن رفيعة المستوى إلى المملكة العربية السعودية في يوليو الماضى.

كما شارك المسئولون من فرق السياسة الخارجية والاقتصاد في الإدارة الأمريكية في التواصل مع حكومات دول أوبك كجزء من الجهود الأخيرة لدرء خفض الإنتاج.

وطلب البيت الأبيض من وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين عرض القضية بشكل شخصي على بعض وزراء مالية دول الخليج، بما في ذلك من الكويت والإمارات، ومحاولة إقناعهم بأن خفض الإنتاج سيكون ضارا للغاية بالاقتصاد العالمي.

وجادلت الولايات المتحدة بأن خفض إنتاج النفط على المدى الطويل من شأنه أن يخلق مزيدا من الضغط سيؤدي لهبوط الأسعار وهو عكس ما يهدف إليه الخفض الكبير، حيث أن “التخفيض الآن من شأنه أن يزيد من مخاطر التضخم”، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وفي نهاية المطاف مخاطر أكبر من الركود.

واقترحت مسودة البيت الأبيض أن تتواصل “يلين” مع نظرائها الأجانب وتبلغهم بأن “هناك خطر سياسي كبير على سمعتك وعلاقاتك مع الولايات المتحدة والغرب إذا أقدمت على تلك الخطوة”.

واعترف مسئول أمريكي كبير بأن الإدارة تضغط على التحالف الذي تقوده السعودية منذ أسابيع لمحاولة إقناعهم بعدم خفض إنتاج النفط.

فشل رحلة بايدن

ويأتي ذلك بعد أقل من 3 أشهر من سفر بايدن إلى السعودية حيث التقى مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في رحلة كانت مدفوعة جزئيا بالرغبة في إقناع المملكة، الزعيم الفعلي لمنظمة أوبك، بزيادة إنتاجها النفطي، مما يساعد في خفض أسعار الوقود التي كانت مرتفعة في ذلك الوقت.

وعندما اتفقت “أوبك +” بعد أسابيع قليلة على زيادة متواضعة في الإنتاج تبلغ 100 ألف برميل، وقال المنتقدون إن بايدن لم يحصل على الكثير من تلك الرحلة، التي وصفت بأنها اجتماع مع زعماء المنطقة حول القضايا الحاسمة للأمن القومي للولايات المتحدة، بما في ذلك إيران وإسرائيل واليمن، وقد تم انتقادها بسبب افتقارها إلى النتائج وإعادة تأهيل صورة ولي العهد الذي ألقى بايدن باللوم عليه بشكل مباشر في تنظيم مقتل الكاتب في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي.

وفي الأشهر التي سبقت الاجتماع، قام كبار مساعدي بايدن للشرق الأوسط والطاقة، ماكغورك وهوشستين، بجولات مكوكية بين واشنطن والسعودية للتخطيط والتنسيق للزيارة.

ووصف أحد المسئولين الدبلوماسيين في المنطقة الحملة الأمريكية لمنع تخفيضات الإنتاج بأنها ليست قوية بالنظر إلى الهشاشة الاقتصادية والحرب المستمرة في أوكرانيا.

وذلك على الرغم من أن مصدرا آخر مطلعا على المناقشات قال لشبكة “سي إن إن”  فقد وصفها دبلوماسي من إحدى الدول التي تم التعامل معها بأنها “يائسة”.

ويقول مصدر مطلع إنه تم التخطيط للتواصل مع الإمارات، لكن الكويت رفضت هذا الجهد”.

جهود أوبك لتعزيز الأسعار

وأقبل أعضاء “أوبك +” في خفض على التفكير في خطوة أكثر دراماتيكية لإنتاج النفط بسبب الانخفاض الحاد في الأسعار، والتي انخفضت بشكل حاد إلى ما دون 90 دولارا للبرميل في الأشهر الأخيرة.

وسيحدد اجتماع “أوبك +” أيضا سقف أسعار النفط الذي يلوح في الأفق والذي تنوي الدول الأوروبية فرضه على صادرات النفط الروسية كعقاب على غزو روسيا لأوكرانيا.

وأعرب العديد من أعضاء “أوبك +” وليس روسيا فقط، عن استيائهم من احتمال تحديد سقف للسعر بسبب السابقة التي يمكن أن تحددها للمستهلكين، وليس السوق، لإملاء سعر النفط.

وتضمنت مسودة البيت الأبيض إلى وزارة الخزانة اقتراحا أمريكيا مفاده أنه إذا قررت منظمة “أوبك + ” الخفض هذا الأسبوع، فستعلن الولايات المتحدة إعادة شراء ما يصل إلى 200 مليون برميل لإعادة ملء احتياطيها الإستراتيجي، وهو مخزون طارئ من النفط، وكانت الولايات المتحدة تستغله هذا العام للمساعدة في خفض أسعار النفط.

وقال المسئول الأمريكي الكبير إن إدارة بايدن أوضحت لأوبك + منذ شهور أن الولايات المتحدة مستعدة لشراء نفط أوبك لتجديد احتياطي النفط الإستراتيجي.