أوروبا بين مطرقة ترامب وسندان الاقتصاد .. استراتيجية التكيف المؤقت سلاح القادة الوحيد

الاقتصاد الأوروبي يعاني من هشاشة ملحوظة، كما أن القادة السياسيين الرئيسيين في القارة، مثل أولاف شولتز في ألمانيا وإيمانويل ماكرون في فرنسا، يواجهون ضغوطًا داخلية جعلتهم غير قادرين على قيادة تحرك قوي

أوروبا بين مطرقة ترامب وسندان الاقتصاد .. استراتيجية التكيف المؤقت سلاح القادة الوحيد
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

3:52 م, الأثنين, 27 يناير 25

في ظل عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية، تواجه أوروبا تحديًا معقدًا يتمثل في التعامل مع ضغوطه دون الدخول في صدام مباشر قد يهدد استقرارها الاقتصادي والأمني. رغم أن أوروبا تمتلك أوراقا ضغط اقتصادية يمكن استخدامها، مثل فرض ضرائب على الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات أو الرسوم الإضافية على الواردات ذات الانبعاثات الكربونية المرتفعة، إلا أن الواقع يكشف عن ضعف هيكلي يجعل من الصعب اتخاذ مواقف صارمة، وفقا لرويترز.

الاقتصاد الأوروبي يعاني من هشاشة ملحوظة، كما أن القادة السياسيين الرئيسيين في القارة، مثل أولاف شولتز في ألمانيا وإيمانويل ماكرون في فرنسا، يواجهون ضغوطًا داخلية جعلتهم غير قادرين على قيادة تحرك قوي. إلى جانب ذلك، تعاني أوروبا من تحديات أمنية كبرى، أبرزها استمرار العدوان الروسي في أوكرانيا، مما يجعلها بحاجة ماسة إلى الحماية العسكرية الأمريكية.

رغم هذه التحديات، تمتلك أوروبا خيارات يمكن استغلالها للتعامل مع الوضع الراهن. على سبيل المثال، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يظهر استعداده لتمويل شراء الأسلحة الأمريكية لدعم أوكرانيا، وهو ما قد يساعد على تهدئة التوترات مع واشنطن. ويمكن تمويل هذه الجهود من خلال أصول روسية مجمدة تُقدر بـ300 مليار دولار، أو من خلال إصدار قروض جماعية. علاوة على ذلك، يمكن لأوروبا زيادة إنفاقها الدفاعي ليصل إلى 3% من ناتجها المحلي الإجمالي، مع تعزيز وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

على الجانب الآخر، يمكن لأوروبا استخدام هذه التحركات كوسيلة للتفاوض مع الولايات المتحدة. قد تطالب بعدم فرض رسوم على صادراتها أو الضغط على أوكرانيا لإبرام اتفاق سلام غير عادل مع روسيا. ومع ذلك، فإن بعض السياسيين الأوروبيين، خاصة الفرنسيين، يعارضون استخدام الأموال الأوروبية لشراء أسلحة من الخارج، مما يضعف وحدة الموقف الأوروبي.

في مجال التكنولوجيا، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات إضافية مع ترامب، الذي يتمتع بعلاقة وثيقة مع عمالقة التكنولوجيا مثل إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ. على الرغم من ذلك، يمكن لأوروبا أن تعتمد استراتيجية التريث، خاصة أن هناك احتمالًا بأن تتغير مواقف ترامب تجاه هذه الشركات. كما يمكنها إعادة تقييم سياساتها التنظيمية تجاه الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لتجنب تصعيد التوترات.

ومع ذلك، هناك قضايا قد تضطر أوروبا للمخاطرة بشأنها، مثل دور ماسك في دعم سياسيين أوروبيين من اليمين المتطرف، وهو ما قد يهدد الديمقراطية في القارة. التحقيقات الجارية بشأن خروقات محتملة لمنصة “إكس” لقواعد المحتوى الأوروبية تعكس هذا التوجه.

في نهاية المطاف، يبقى على أوروبا اللعب بذكاء واستغلال الوقت لتعزيز استراتيجيتها الدفاعية والسياسية. قد يساهم تحقيق تقدم في أوكرانيا أو تراجع نفوذ ترامب بعد الانتخابات الأمريكية المقبلة في تخفيف الضغط. ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن أوروبا مضطرة للتكيف مع واقع الضعف المؤقت، مع تحمل التكلفة السياسية والاقتصادية لهذا الوضع.