أصدرت إدارة البحوث بشركة «إتش سى» للأوراق المالية والاستثمار تقريراً حديثاً حول توقعاتها للاقتصاد المصري، في ظل تطورات انتشار فيروس كورونا، تعقيبًا على توقعاتها الصادرة في شهر فبراير الماضي قبل تعمق الأزمة في مصر.
وقالت مونيت دوس محلل الاقتصاد الكلي وقطاع البنوك بشركة اتش سي إنها حدثت أرقام حساب مصر الخارجي في ضوء تطورات انتشار كورونا وتأثيره السلبي على عائدات قطاع السياحة وتحويلات المصريين من الخارج وصافي الاستثمارات فى المحفظة الأجنبية، على افتراض أنه يمكن احتواء فيروس كورونا بحلول شهر يونيو المقبل.
وأكدت “مونيت”، في تقرير مفصل وصل “المال” نسخة منه، أن الأسعار العالمية الحالية المنخفضة للبترول سوف تؤثر سلبًا على الميزان التجاري للبترول في مصر، نظرًا لأن الدولة المصرية تسعى لتكون مصدرا صافيا للبترول بدلًا من مستورد صافٍ له، كما هي الحال على مدار الستة أعوام الماضية.
وأوضحت أنه باحتساب سعر برينت عند 27 دولارا ضمن حساباتنا للميزان التجاري للبترول، سينتج عنه عجز تجاري بقيمة 0.96 مليار دولار للسنة المالية 19/20 مقارنة بتوقعاتنا السابقة بتحقيق نقطة تعادل، ولأن معظم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة متركزة في قطاع الغاز والبترول وبالرغم من الامتيازات الجديدة الممنوحة، نتوقع انخفاض قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 7% تقريبا على أساس سنوي في النصف الثاني من العام المالي الحالي؛ لتصل الي 3.8 مليار دولار، وبنسبة 23% اقل من توقعاتنا السابقة التي جاءت عند 4.9 مليار دولار.
وأشارت إلى أن امتداد فترات الإغلاق وتباطؤ حركة التجارة الدولية قد يؤدي إلى وفر في حجم الواردات إلى مصر. ومن هنا، نرى أن العجز في الميزان التجاري لمصر قد ينخفض ليحقق 31.5 مليار دولار للسنة المالية 19/20 مقارنة بتوقعاتنا السابقة التي جاءت عند 35.8 مليار دولار”.
وتوقعت محلل الاقتصاد الكلي وقطاع البنوك بشركة إتش سي عدم تسجيل قطاع السياحة فى مصر أي إيرادات خلال شهر مارس المنقضي باستثناء الأسبوع الأول منه، مرجحة انخفاضها بنسبة 60% تقريباً خلال الربع الأخير من العام المالي الحالي 2019-2020.
ورجحت تراجع عائدات السياحة بنسبة 16% تقريبا على أساس سنوي لتصل إلى 10.6 مليار دولار في السنة المالية الحالية 19/20 وأقل بنسبة 21% تقريبًا عن توقعاتها السابقة التي جاءت عند 13.4 مليار دولار”.
يذكر أن إيرادات السياحية ارتفعت خلال العام المالي الماضي 2018-2019 إلى 12.6 مليار دولار، وهو أعلى مستوى تاريخي مقابل 9.8 مليار دولار خلال العام المالي السابق له.
وبالنسبة لتحويلات المصريين من الخارج، توقعت انخفاض بنسبة 10% تقريبا على أساس سنوي للنصف الثاني من 2019 – 2020 مقارنة بـ 8% انخفاض حدث في السنة المالية 2008/2009 على أثر الأزمة المالية العالمية و13% تقريبا في السنة المالية 15/16 بسبب توقع ضعف الجنيه المصري قبل تحرير سعر الصرف”.
ورجحت “مونيت” أن ينتج عن ذلك حجم تحويلات من المصريين في الخارج يصل إلى 25.1 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي، وذلك أقل بحوالي 11% تقريبا من توقعنا السابق عند 28.2 مليار دولار، مع العلم بأن حجم التحويلات زاد بنسبة 15% تقريبًا في النصف الأول من 2019-20.
وقالت إن الافتراضات بموجب هذا السيناريو ستؤدي إلى عجز في الحساب الجاري عند 10.5 مليار دولار للسنة المالية 19/20 وذلك أعلى من توقعنا السابق بعجز قدره 8.2 مليار دولار أمريكي.
تابعت: “نقوم حاليًا بإعادة اختبار أرقامنا باحتساب خروج رؤوس أموال متوقع قدره 6 مليارات دولار من سوق الخزانة المصرية في النصف الثاني من 2019-20.
ولتغطية فجوة التمويل هذه، قد تعتمد البنوك المصرية على أصولها الخارجية وكذلك تسهيلات الائتمان الخارجي، كما حدث في النصف الثاني من 2018 حينما شهدنا خروج رأس المال الهائل من الأسواق الناشئة”.
وفيما يتعلق بنمو إجمالي الناتج المحلي، توقعت محالل الاقتصاد الكلي باتش سي أن ينمو إجمالي الناتج المحلي 4.7% في السنة المالية 19/20، وذلك اقل بكثير من توقعاتنا السابقة المقدرة بـ 5.9% بسبب ضعف ثقة المستثمر والمستهلك الي جانب تباطؤ حركة السياحة.
وأوضحت أن البنك المركزي والحكومة أعلنا عن حزمة من القرارات لتحفيز الاستهلاك الشخصي والاستثمار الخاص ولكننا نعتقد أن طول فترة الحظر وعدم وضوح الرؤية بالنسبة للاقتصاد العالمي قد تضعف من أثر هذه الإجراءات التحفيزية فبالتالي قد نرى انخفاض في الاستثمارات بنسبة 20% تقريبا على أساس سنوي في النصف الثاني من 2019-20 والذي تم تأكيده رسميا من قبل الحكومة للسنة المالية 19/20 عند 960 مليار جنيه (مما يعني استثمارات قيمتها الإجمالية 400 مليار جنيه في النصف الثاني من 2019-20)
وأشارت إلى أنه بالرغم من خفض سعر الفائدة من قبل البنك المركزي، أبقت بنوك القطاع العام على فوائد شهاداتها ذات العائد الثابت آجال 3 سنوات كما هي.
في حين أن بنك مصر والبنك الأهلي قاما بإصدار شهادة إيداع بفوائد 15% أجل سنة واحدة، قد تكون احتمالية هجرة رأس المال من بنوك القطاع الخاص لبنوك القطاع العام والرغبة في الاستفادة من فوارق الفائدة هي الدافع الرئيسي وراء قيام البنك التجاري الدولي برفع فوائد شهادات الإيداع لديه أجل الـ 3 سنوات بنسبة 2 – 2.5%.
وأوضحت أنه حال اقتدت بنوك القطاع الخاص باتجاه رفع فوائد الودائع والقروض، فسينتج عن ذلك تآكل الأثر الإيجابي لقرار خفض سعر الفائدة 300 نقطة أساس، وبالأخذ في الاعتبار الزيادة المتوقعة في معدل البطالة وانخفاض مستويات الدخل المتاح، نعتقد أن معدل النمو في الاستهلاك سيحقق 1% تقريبا في النصف الثاني من 2019-20 وذلك اقل من توقعنا السابق عند 2%. وبناءا عليه، نرى أنه قد يحقق معدل النمو في الناتج المحلي 4.7% للسنة المالية 19/20 وهو أقل بكثير من توقعنا السابق الذي جاء عند 5.9%.”.
واستطردت مونيت: ” قد يتسارع معدل التضخم ليصل إلى 11.45% على أساس سنوي بحلول ديسمبر وقد تؤدي إجراءات البنك المركزي إلى استقرار في سعر الجنيه: ارتفعت أسعار المواد الغذائية في أعقاب إعلان انتشار فيروس كورونا في مصر ومن المحتمل أن تستمر مرتفعة نتيجة لنقص محتمل في المعروض، الأمر الذي قد يفوق جهود الحكومة المصرية لمراقبة أسعار السلع الأساسية وتوفير تلك السلع بأسعار معتدلة”.
ورجحت محلل الاقتصاد الكلي بشركة اتش سي أن يتصاعد معدل التضخم حتى نهاية العام بزيادة شهرية حوالي 1% ليصل للحد الأقصى بحلول ديسمبر عند 11.5% على أساس سنوي مقارنة بالرقم المتوقع من قبل الحكومة المصرية عند 9.8% في حالة استمرار أزمة فيروس كورونا لنهاية 2020.
أضافت: “باحتساب قيمة التضخم ضمن نموذج (سعر الصرف الفعلي الحقيقي REER) ينتج لدينا معدل سعر الجنيه امام الدولار عند 16.34 في نهاية ديسمبر 2020 وذلك اعلى قليلا من توقعنا السابق الذي جاء عند 16.26، ومما يدعم وجهة نظرنا قرارات البنك المركزي المصري الهادفة لتخفيف حدة عمليات الدولرة المتمثلة في اصدار تعليمات للبنوك بخفض الفائدة على الودائع الدولارية إلى 100 نقطة أساس فوق سعر الفائدة بين بنوك لندن (ليبور) بدلاً من 150 نقطة أساس فوق ليبور، ووضع حد أقصي يومي لعمليات السحب والإيداع النقدي بفروع البنوك، وتقديم فوائد جذابة على الودائع بالجنيه المصري. كما نتوقع استقرارا في أسعار العملة حيث تعتمد بنوك القطاع العام على الائتمان الخارجي لسد الفجوة التي يسببها خروج رأس المال الأجنبي من سوق الخزانة المصرية.”
وأكدت مونيت أن ارتقاع المصروفات وانخفاض النمو الاقتصادي عن المتوقع قد يلقي بظلاله على عجز الموازنة وارتفاع المديونية الحكومية: لم يتم الإعلان حتى الآن عن تفاصيل حزمة الـ 100 مليار التحفيزية، وقد أعلنت الحكومة المصرية ان هذا المبلغ لن يستقطع من ميزانية الدولة ولكن سوف يتم تمويله من الاحتياطي المخصص للأزمات/للطوارئ. وبناءا عليه نحن نتوقع أن لا يتأثر حجم مصروفات الحكومة المصرية في الموازنة.
وأضافت: “مع ذلك، يمكن أن ينعكس امتداد فترة تباطؤ النشاط الاقتصادي وفترة الإغلاق خلال النصف الثاني من 2019/20 بشكل سلبي على الإيرادات الحكومية، والتي قد تأتي أقل من توقعاتنا الأولية بقيمة 116 مليار جنيه مصري لتصل الي 939 مليار جنيه للسنة المالية 19/20.
ونلاحظ أن إجمالي حجم الإيرادات هذا متحفظ جدا، حيث يمثل 16% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي وأقل من نسبة الـ 19% التي شهدناها أثناء الأزمة المالية في السنة المالية 2008/2009 وما بعد ثورة 2011 في السنة المالية 2010/2011.
وهذا سيجعل عجز الموازنة المتوقع للسنة المالية 19/20 يأتي عند 481 مليار جنيه مصري بما يمثل 8.1٪ من إجمالي الناتج المحلي، وهو أعلى من توقعاتنا الأولية عند 6.7٪.”.
وتابعت: “في ضوء هذا السيناريو، يمكن أن يحقق الدين الخارجي الحكومي نسبة 24.3٪ من إجمالي الناتج المحلي للسنة المالية 19/20 وهذا أقل بقليل من توقعاتنا السابقة التي جاءت عند 24.5٪.
بينما يمكن أن يرتفع الدين المحلي إلى 84.0٪ من إجمالي الناتج المحلي وأعلى من 80.9٪ المتوقعة سابقًا، حيث تعتمد الحكومة على المصادر المحلية لسد فجوة التمويل”.