التحرش في إسرائيل مشكلة تؤرق النساء هناك، لكن الإسرائيلية الثلاثينية سارة، باتت تشعر بأنها وحيدة أثناء سيرها في الشارع، وصار الأمر أكثر أمانا لها بعدما استخدمت تطبيقا أطلقته بلدية مدينة تل أبيب، يتم تثبيته عبر الهواتف الذكية النقالة لحماية النساء من محاولات الاعتداء عليهن في الشوارع، خاصة في أوقات متأخرة من الليل.
التحرش في إسرائيل
ولجأت بلدية مدينة تل أبيب، التي تعتبر العاصمة السياحية لإسرائيل، إلى اعتماد يحمل اسم “الأوصياء” بعد تسجيل تزايد في عدد النساء اللاتي عبرن عن عدم شعورهن بالأمان أثناء سيرهن لوحدهن بشوارع المدينة في أوقات مختلفة.
وقالت البلدية في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) إنه تم اعتماد التطبيق بعد فترة تجريبية استمرت ثلاثة أشهر، مشيرة إلى أن اتساع تفاعل النساء مع التطبيق خلال تلك الفترة كان دافعا قويا لتبنيه بشكل رسمي.
ويعتبر التطبيق، الذي أنتجته شركة (سيف أب) التكنولوجية الإسرائيلية، شبكة تواصل اجتماعي خاصة بالنساء فقط، حيث يحتوي على العشرات من النساء المدربات والناشطات في حقوق النساء، اللاتي عادة ما يكن متاحات على مدار الساعة، ويمكنهن تقديم المساعدة لأي امرأة قد تتعرض للخطر بشكل عاجل وسريع قد لا يتعدى دقائق.
تحرش في الأماكن العامة
وتقول الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة (سيف أب) نيتا شرايبر، ل(شينخوا) إن “أي امرأة قد تتعرض لأي خطر في أي من الأماكن العامة يمكنها أن تقوم برد فعل فوري يتبني أحد خياراتنا الثلاثة، التي نتيحها عبر هذا التطبيق”.
وتضيف “الخيار الأول هو أن تستمد في السير مع الحفاظ على التحدث المباشر سواء كان من خلال خاصية المكالمة الهاتفية أو اتصال مرئي مع إحدى النساء المشاركات في التطبيق، عندما يشعرن بعدم الارتياح أو عدم الأمان في الأماكن العامة، وذلك في محاولة لتمويه الشخص المعتدي والإيحاء بأنها ليست وحيدة”.
وتشير إلى أن “الخيار الثاني يعتمد على طلب المساعدة الفورية، وذلك بربط المرأة التي تشعر بخطر حقيقي بثلاث نساء عبر التطبيق، حيث أنهن يكن على بعد متر واحد فقط من المكان، ويمكنهن تقييم الوضع وتحديد ما إذا كان عليهن الوصول إلى مكان الحادث أو الاتصال بالشرطة”.
حادثة مؤسفة
أما الخيار الثالث فهو إتاحة التطبيق الفرصة للنساء اللاتي يشعرن بعدم الأمان أثناء سيرهن من مشاركة موقعهن بشكل مباشر مع النساء المشتركات بالتطبيق، بحسب شرايبر.
وتنوه إلى أنها استلهمت فكرة تأسيس الشركة في أعقاب حادثة تعرضت لها في حفل منزلي منذ حوالي تسع سنوات.
وتتذكر شرابير قائلة إنه “بعد انتهاء الحفل لاحظنا بأن إحدى صديقاتي اختفت، مما دفعنا للبحث عنها، ولكن للأسف بعد حوالي ساعة وجدناها عارية في أحد الشوارع تتعارك مع رجال يحاولون الاعتداء عليها”.
وتقول “منذ ذلك الوقت، وأنا أفكر كيف يمكننا أن نحمي أنفسنا من مثل هذه الاعتداءات المشينة”، مضيفة أنها بدأت فعليا بتنفيذ هذا التطبيق في أواخر عام 2019 إلا أنه بات “صالحا للاستخدام ودون وجود أي ثغرات تعيق استمراره قبل نحو ثلاثة أشهر فقط”.
أنواع مختلفة من الإعتداءات
وبحسب بيانات صادرة عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية عام 2019، فإن حوالي 11 في المائة من النساء من سن 20 عاما فما فوق، تعرضن لأنواع مختلفة من الاعتداءات والجرائم، في حين أن حوالي 4.2 في المائة من النساء تعرضن للتحرش الجنسي، بينما تعرضت 0.3 من النساء لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب.
و”لأجل ذلك، من المهم أن تتوحد النساء في إسرائيل، ويجتمعن في مكان واحد، حيث تعتبر كل واحدة منهن بأنها وصية من أجل حماية الأخريات من أي محاولات اعتداء ضدها تهدد حياتها”، على حد قول شرايبر.
تعزيز المساواة بين الجنسين
وتقول مديرة السلطة للحصانة والمساواة الاجتماعية ومستشارة رئيس البلدية لتطوير مكانة المرأة في بلدية تل أبيب-يافا إفرات مايكين كنافو، ل(شينخوا) إن التطبيق هو “خطوة أخرى في مبادرات البلدية واسعة النطاق لتعزيز المساواة بين الجنسين بشكل عام وتعزيز الأمان الشخصي للمرأة على وجه الخصوص”.
وأضافت “نحن نستخدم جميع الأدوات المتاحة لنا حتى تشعر كل امرأة في تل أبيب-يافا أن الأماكن العامة مهيأة لها من حيث الأمن الشخصي إلى الرياضة والترفيه والمرافق الترفيهية”، معتبرة أن التطبيق “هدف استراتيجي، وسينعكس تحقيقه في العديد من القطاعات في جميع أنحاء المدينة”.
وبلغ عدد النساء اللاتي انضممن إلى شبكة “الأوصياء” في إسرائيل أكثر من عشرة آلاف امرأة، و200 في بوسطن، و100 في لندن، و200 في عشر دول أخرى، وهناك أكثر من 200 مكالمة أمان على المنصة.
مشاركة الرجال
وقالت شرايبر حول مشاركة الرجال في التطبيق “نعتقد أن الرجال يجب أن يكونوا جزءا من الحل، لذلك شجعناهم على المشاركة في الشركة”.
واستطردت قائلة “ولكن مع ذلك لا يزال السماح للرجال بالدخول للشبكة غير متاح لمنع دخول المحتالين، مما قد يشكل تهديدا للشبكة”.
وأضافت “نحن نؤمن بأن الرجال جزء أساسي من خلق عالم أكثر أمانا في المستقبل، ونحن نخطط لاستكشاف طرق يمكن للرجال من خلالها المساهمة بإذن صريح وموافقة مستخدمينا”.
وتقول الإسرائيلية سارة البالغة من العمر (32 عاما)، وهي تعيش في مدينة تل أبيب “إنه شيء رائع أن تشعر بأنك لست وحيدا في الشارع”.
وتضيف سارة وهي إحدى النساء اللاتي استخدمن التطبيق أثناء فترة الاختبار، ل(شينخوا) “سيسمح هذا التطبيق بجعل الشوارع أكثر أمانا بالنسبة للنساء، وسيقلل من التحرش الجنسي وربما يمنعه نهائيا، وستكون مدنا أكثر أمانا”.
وتشير سارة إلى أن هذا التطبيق سيمكن النساء من النزول إلى الشارع في أي وقت سواء كان في النهار أو بوقت متأخر من الليل، كما سيمنح النساء اللاتي يعملن في المناوبات الليلة الأمان.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.