الحلول التقليدية تفشل فى إخراج «أموك» من نفق الخسائر

بنوك استثمار: لا توجد محفزات بعد

الحلول التقليدية تفشل فى إخراج «أموك» من نفق الخسائر
مصطفى طلعت

مصطفى طلعت

6:35 ص, الأحد, 27 سبتمبر 20

تساؤلات عديدة يفرضها واقع الأداء المالى الأخير لشركة الإسكندرية للزيوت المعدنية “أموك” بعد تحولها إلى نفق الخسائر الكبيرة وتراجع قيمة المبيعات مقابل أرباح بالملايين ومبيعات بالمليارات خلال السنوات السابقة.

وكشفت القوائم المالية المجمعة للشركة عن تحولها للخسائر خلال العام المالى 2019/ 2020 بقيمة 477 مليون جنيه مقابل أرباح بقيمة 574 مليونا فى الفترة المقابلة من العام المالى السابق له.

وأظهرت قائمة الدخل تراجع مبيعات الشركة خلال العام المالى المذكور إلى 8.8 مليار جنيه، مقابل 14.86 مليار فى العام المالى المقارن.

كانت إدارة “أموك” تبنت فى وقت سابق إستراتيجية تضمنت محورين للخروج من مأزق تراجع الأداء، تمثل الأول فى تعاون مشترك مع شركة الشرق الأوسط لتكرير البترول– ميدور فى مجال التكرير، من خلال استغلال الأخيرة فى معالجة منتجات غير مطابقة للمواصفات العالمية، وتحويلها لمنتجات مطابقة للمواصفات، وإعادة بيعها، وتحقيق قيمة مضافة مرتفعة.

أما الثانى وفقًا لإدارة “أموك” فيتمثل فى استخدام الشركة بديلًا للسولار الذى يتم إضافته للمازوت لإكسابه المواصفات العالمية بسعر أرخص؛ مما سيؤدى إلى تحسن هوامش ربح التصدير لمنتج المازوت.

تواصلت «المال» تواصلت مع وحدات البحوث فى عدد من بنوك الاستثمار المحلية العاملة بالسوق المحلية للوقوف أكثر على تصور لأداء الشركة مستقبلاً، لكن كانت المفاجأة هى توقف بعض هذه الوحدات عن تغطية السهم مالياً نظراً لعدم وضوح إستراتيجية الإدارة الحالية وخططها لوقف نزيف الخسائر المتزايد.

لكن هذا لم يمنع “المال” من الحديث مع عدد من المحللين فى مراكز بحوث لوضع رؤية أقرب للمستثمرين الحاملين للسهم ضمن محافظهم المالية والذى انهار بشكل كبير مؤخراً، كما وضعو سيناريوهات تعافى الشركة من عدمه مستقبلاً.

وتراجع سهم “أموك” فى البورصة بشكل ملحوظ بنحو %78 خلال العامين الماضيين، ليصل إلى مستوى 2.7 جنيه، مقابل 12.5 جنيه سجلها السهم كأعلى قمة له قبل البدء فى رحلة الانهيار.

وأكد المحللون أن السبب الرئيسى فى تحول “أموك” إلى الخسارة “المفاجئة” يعود إلى توقفها عن إمداد الهيئة العامة للبترول بخام المازوت “عالى الكبريت” بأسعار مرتفعة والتى كانت تستخدمه محطات الكهرباء للتشغيل الأمر الذى تغير مع اعتماد هذه المحطات على الغاز وبالتالى أصبحت فى غير حاجة إلى خام “أموك”.

كانت وزارة البترول قررت وقف استيراد الغاز الطبيعى المسال من الخارج فى ضوء تحقيق مصر الاكتفاء الذاتى، علما بأن الهيئة اعتادت على شراء مازوت الخلط من “أموك” كوقود لمحطات توليد الطاقة بأسعار مرتفعة عن أسعار التصدير.

وعدد المحللون أسبابا أخرى لأداء الشركة السلبى خلال الفترة الأخيرة وهى ارتفاع تكلفة تحويل خام المازوت وخلطه بالسولار لتحسين نوعيته لجعله مطابقاً للمواصفات العالمية، فضلاً عن انخفاض أسعار البترول العالمية وصعوبة المنافسة فى أسواق التصدير خاصة فى ظل تفشى جائحة كورونا.

وأكد المحللون أن الربع الرابع من العام المالى 2019/ 2020 كان أكثر صعوبة على شركة “أموك” نتيجة الظروف الاستثنائية الخاصة بفيروس كورونا وتراجع أحجام الطلب على منتجات الشركة فى الخارج، مشيرين إلى أن أداء الشركة كان سلبيا خلال الفترة المذكورة بعيدا عن الجائحة نظرا للعوامل السابقة.

وأجمعوا على أن شركة “أموك” فى حاجة إلى حزمة تمويلية ضخمة لتعظيم نشاطها والتوسع فى تصنيع المشتقات الأكثر ربحية الأمر الذى يؤكد الحاجة إلى تنفيذ مشروع تكرير المازوت “المتبقى الثقيل” فى أقرب وقت والذى تتجاوز تكلفته الاستثمارية حاجز المليار دولار على أقل تقدير وفقا لإفصاحات سابقة.

يشار إلى أن “أموك” كانت أكدت فى وقت سابق أنها تدرس مشروع تكرير الزيت الثقيل (تحويل باقى الزيوت الثقيلة إلى منتجات أخرى)، إلا أنها لم تُجدد ذكر المشروع مرة أخرى، وهو الأمر الذى كان محل ملاحظات الجهاز المركزى للمحاسبات على القوائم المجمعة للشركة، وأيضاً المحللين وحاملى السهم.

ويستهدف المشروع تحويل المازوت الخام إلى منتج خفيف الاستهلاك مثل السولار والنافتا، واستبعاد مازوت الخلط من مجموعة منتجات “أموك” ومن ثم تعزيز هوامش الأرباح التشغيلية، وتجنب مخاطر الترويج لمنتجات منخفضة الجودة والربحية، وهى الأزمة الأساسية التى أصبحت تعانى منها الشركة.

بلتون: مطلوب دخول مستثمرين جدد لضخ سيولة.. والعمل على مشتقات أخرى

وقال على عفيفى، محلل قطاع الطاقة فى بنك الاستثمار “بلتون” إن محطات الكهرباء بدأت فى الاعتماد على الغاز فى التشغيل وبالتالى لم يصبح هناك أى طلب على المازوت الذى تنتجه “أموك”، موضحا أن الخروج من هذا المأزق يتمثل فى دخول أحد المستثمرين لضخ سيولة جديدة فى الشركة أو تغيير وتعديل النشاط و إلا ستستمر الشركة فى الخسائر.

وأشار إلى أن تعديل النشاط يتمثل فى معالجة المازوت والعمل على مشتقات أخرى من الزيوت المستخرجة، لافتاً إلى أن انخفاض أسعار البترول العالمية ساهم فى زيادة الخسائر التى كانت متوقعة حتى بدون تذبذب البترول.

وأوضح أن بعض الحلول تتمثل أيضا فى بيع منتج المازوت الخام إلى مصانع أخرى لديها القدرة على إعادة تدويره وتحويله إلى منتجات جديدة، لافتاً إلى أن جودة منتج مازوت “أموك” منخفضة مقابل منافسة شرسة من الأسواق الأخرى.

ولفت إلى أن مشروع تكرير المازوت مكلف للغاية ومع مرور الوقت أصبح أكثر تكلفة ويحتاج إلى سيولة كبيرة وبالتالى أصبحت الحلول التقليدية غير مجدية، ويجب تنفيذه للخروج من هذا المأزق.

برايم: ضوابط «IMO» أثرت على المبيعات.. وأسعار النفط والطلب عوامل مهمة

وتوقع محمد سعد محلل القطاع الصناعى فى بنك الاستثمار “برايم” استمرار الشركة فى تسجيل مجمل خسائر نتيجة فارق الأسعار بين المنتجات الأكثر والأقل ربحية.

وأشار إلى أن حجم المنتجات الأقل ربحية “عالى الكبريت” يمثل الجزء الأكبر من إنتاج الشركة بأكثر من %50 من إجمالى الإنتاج.

وأوضح أن مشروع “المتبقى الثقيل” يتضمن وحدات تحويل المنتجات منخفضة القيمة إلى عالية القيمة.

ولفت إلى أن الشركة تتعرض لضغوط من قبل ظهور كورونا وانخفاض أسعار النفط إذ ألزمت المنظمة البحرية الدولية (IMO) الخاصة بمكافحة التلوث البحرى السفن باستهلاك المازوت منخفض الكبريت وعدم الاعتماد على العالى الكبريت وبالتالى انخفضت أسعار الأخير وهو الذى تنتجه “أموك”.

ونصح مستثمرى السهم بالانتظار حتى ظهور نتائج الدراسات الخاصة بمشروع “المتبقى الثقيل” مشيراً إلى أن وضع أسعار البترول وانخفاض الطلب سيجعل العائد من المشروع أقل مقارنة بفترات سابقة وقت الإعلان عنه لكنه ضرورى.

العربى الأفريقي: تحتاج إلى استثمار ضخم.. وتحسين المنتج يرفع تكلفة التشغيل

وقالت ريهان حمزة محلل قطاع الصناعة بشركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية إن “أموك” كانت تنتج مازوت بجودة منخفضة يتم استخدامه فى تشغيل محطات الطاقة الكهربائية لكن انخفضت مسحوبات الحكومة منه نتيجة الاكتفاء الذاتى من الغاز مما وضع الشركة فى مأزق كبير.

ولفتت إلى أن قيام الشركة بتحسين جودة المازوت رفع تكلفة التشغيل وذلك بالتزامن مع جملة من الأسباب الأخرى فى مقدمتها الظروف السيئة المحيطة بسبب كورونا التى حالت دون تصدير منتجاتها للخارج، فضلاً عن انخفاض أسعار بيع البترول.

وأوضحت أن خطة تطوير الشركة لتكرير المازوت توقفت نتيجة الظروف، مشيرة إلى أنه كلما زادت جودة تحسين المنتتج كلما كان أكثر تنافسية فى الأسواق الخارجية وبيعه بأسعار مرتفعة.

وأشارت إلى أن “أموك” لديها محطة تكرير وها تطوير نفسها للقدرة على المنافسة فى الأسواق الخارجية، موضحة أن الجزء الأكبر من إنتاج الشركة من المازوت كان يتم توريده إلى الهيئة العامة للبترول وبالتالى كان التأثير أكبر مع التوقف.

ولفتت إلى أن الشركة فى حاجة إلى استثمار ضخم للخروج من المأزق وتحقيق عائد على المدى الطويل.

ويرى محلل قطاع صناعة بأحد بنوك الاستثمار الكبرى بالسوق المحلية أن مشروع المتبقى الثقيل “vr” يتوقف على السعة الإنتاجية وشكل المنتجات التى سيتم استخراجها من خام المازوت وهى دراسات فنية معقدة لم تفصح عنها الشركة .

وأشار إلى أنه لا مستقبل للشركة بدون تنفيذ المشروع مؤكدا أنه “ليس رفاهية”، بحسب وصفه.. متوقعا أن تحقق الشركة خسائر فى حدود 200 مليون جنيه خلال العام المالى 2020/ 2021 مع استمرار انخفاض أسعار البترول.

ولفت إلى أن كمية المازوت التى تبيعها “أموك” تبلغ حوالى 1.6 مليون طن موزعة بواقع أكثر من 800 ألف طن مازوت غير مطابق للمواصفات العالمية “عالى الكبريت” يتم بيعه بسعر منخفض وهى النسبة الأكبر من الإنتاج.

وأوضح أن الربع الأول من العام الحالى سيكون أقل سوءا من الربع السابق الذى شهد ذروة تفشى كورونا، لافتا إلى أن حجم السيولة فى الشركة انخفض من 2.9 مليار جنيه خلال العام المالى 2018/ 2019 إلى 705 ملايين بنهاية 2019/ 2020 وبالتالى ستكون فى حاجة إلى موارد إيراد جديدة.

يذكر أن “أموك” تستهدف فى الموازنة التخطيطية للعام المالى 2020/ 2021، تحقيق صافى أرباح بقيمة 25.4 مليون جنيه، مقابل أرباح مقدرة بنحو 416.23 مليون جنيه بالموازنة المعتمدة لعام 2019/ 2020.

وتوقعت الموازنة تحقيق 7.32 مليار جنيه إيرادات بالعام المالى الجديد، مقابل إيردات مقدرة بنحو 12.38 مليار جنيه بالموازنة المعتمدة لعام 2019/ 2020.

نعيم : النتائج “محبطة” نتيجة تراجع البترول

وقالت وحدة أبحاث بنك الاستثمار “نعيم” إن النتائج المحبطة لـ “أموك” جاءت نتيجة التأثير القوى لتراجعات أسعار البترول والمواد البترولية، إضافة إلى تأثر هوامش عملية التكرير بارتفاع تكاليف المواد الخام نسبيا.

وتوقعت “نعيم” أن يظل الأداء العام لـ “أموك” ضعيفا على خلفية تراجعات أسعار البترول، إذ يرتبط %99 من منتجات الشركة بأسعار خام البترول، فيما أبقت على نظرتها للسهم أقل من قيمته على المدى الطويل.

«شعاع» تبقى على توصيتها بخفض الأوزان.. و «VR» بمثابة العامل المؤثر فى النمو

وأبقت وحدة أبحاث شركة شعاع مصر لتداول الأوراق المالية على توصيتها بتخفيض الوزن النسبى لسهم “أموك” بمخاطرة عالية وحددت سعره المستهدف عند 3.78 جنيه.

وقالت إن ذلك يأتى فى ضوء اتساع الفجوة بشكل كبير وسلبى بين المازوت منخفض الكبريت والمازوت عالى الكبريت، وعدم وجود تطور واضح فى مشروع VR (المتبقى الثقيل) والذى سيكون بمثابة العامل المؤثر فى النمو.

ويبلغ رأسمال “أموك” 1.2 مليار جنيه، ويتوزع هيكل ملكيتها بواقع %20 لشركة الإسكندرية للبترول، و%25.2 لشركة الأهلى كابيتال القابضة، و%8.6 لشركة مصر للاستثمارات المالية، و%5.4 لشركة مصر للتأمين، و%5.1 لصندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الحكومى، و%5 لصندوق التأمين للعاملين بالقطاع العام والخاص، والباقى لأسهم التداول الحر.

وتستهلك السوق المحلية نحو 75 مليون طن من المشتقات سنويا، ينتج منها قطاع البترول نحو %60، والباقى يتم استيراده.