كشف الدكتور محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية عن توجه الرقيب في مصر لتطوير “نموذج متخصص للتقييم الذاتي لإدارة المخاطر التي تواجهها صناديق التأمين الخاصة” يلائم طبيعة عملها، ويساعد على فهم وإدارة أفضل للمخاطر التي تواجهها، وبما يُمكن القائمين على إدارة صناديق التأمين الخاصة من اتخاذ ما يلزم من إجراءات تصحيحية فعالة وإجراءات وقائية مانعة، تَحد من الآثار السلبية للمخاطر المختلفة التي تتعرض لها، ذلك في خطوة للتغلب على حالة عدم اليقين التي تواجهها المؤسسات والجهات المالية غير المصرفية وفى القلب منها صناديق التقاعد الاختيارية عند رسم سياساتها الاستثمارية والتي يستفيد منها حوالي 5 ملايين مواطن مصرى يسددون اشتراكات سنوية قدرت بنحو 13.6 مليار جنيه في نهاية 2021.
مناقشة زيادة استثمارات صناديق التأمين الخاصة
جاء ذلك خلال مشاركة رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية كمتحدث في المؤتمر السنوي الخامس للاستثمارات البديلة لصناديق التقاعد الإفريقية والذي عقد بدولة موريشيوس خلال يومي 14 و15 يوليو الجاري، لمناقشة كيفية زيادة استثمارات صناديق التقاعد-والمعروفة في مصر بصناديق التأمين الخاصة- والبحث عن بدائل استثمارية تحقق أعلى عوائد، وتراعى المخاطر المرتبطة بتلك الاستثمارات البديلة وتسعى نحو تعزيز استدامتها للصناديق، وذلك في ظل حالة عدم اليقين التي سببتها الأزمات الدولية المتلاحقة، وما ترتب عليها من الحاجة إلى استكشاف البيئة الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى البيئة المرتبطة بأفريقيا، ودراسة توقعات الأداء-استثماريا-على المدى المتوسط والمدي الطويل في ظل استمرار الاتجاه العالمى للتعافي من آثار جائحة كورونا.
وتحدث د. عمران فى الجلسة الأولى من المؤتمر تحت عنوان “الرادار التنظيمي، واهم التطورات في الأسواق المالية غير المصرفية” عن أهمية صناديق التأمين الخاصة في مصر-والتي ببلغ عدد الساري منها حوالي 694 نهاية 2021- باعتبارها نظما مالية توفر مزايا معاش (تقاعد) اختيارية لقطاع عريض من العاملين بالدولة، ويتم رقابتها وفقا لأسلوب الرقابة على أساس الخطر للتأكد من توافر الاستقرار المالي للصندوق، وجودة إدارة استثماراتها التي قدرت قيمتها بحوالي 102.3 مليار جنيه بنهاية العام الماضى.
وأضاف أن الارتقاء بصناديق التأمين الخاصة-والتي تشمل صناديق ذات مزايا تقاعدية محددة أو الصناديق ذات مزايا تقاعدية ومعاشات شهرية-يقتضي التأكد بصفة مستمرة من قدرة الصناديق على الوفاء بالتزاماتها تجاه أعضائها، وتعظيم أدائها وفقا للمعايير الدولية في الإشراف والرقابة على نشاط الصناديق خاصة مبادئ المنظمة الدولية لمراقبي المعاشات IOPS.
وأوضح عمران أن التقرير السنوي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) رصد وصول عائد استثمارات صناديق التأمين الخاصة في مصر في عام 2021 لنسبة 9٪، وأن التجربة المصرية التي امتدت عبر ما يزيد عن 47 عاماً قد شيدت إطارا تشريعياً –عاماً-سمح برسم السياسات الاستثمارية لصناديق التأمين الخاصة في مصر وحددت قنواتها الاستثمارية باللائحة التنفيذية لقانون صناديق التأمين الخاصة رقم (57) لسنة 1975، وخصت قيام مجالس إدارات صناديق التأمين الخاصة بالتنسيق مع مديري الاستثمار برسم السياسات الاستثمارية لتلك الصناديق بما يتناسب وتحليل مختلف المخاطر المرتبطة بالسوق ومعدل العائد المتوقع والإجراءات المتبعة للحد من هذه المخاطر وذلك كله بما يتناسب مع طبيعة التزامات تلك الصناديق، ويتسق مع كل من قواعد حوكمة صناديق التأمين الخاصة الصادرة عن الهيئة في عام 2015، وضوابط تعاقد صناديق التأمين الخاصة مع مديري الاستثمار الصادرة عن مجلس إدارة الهيئة في عام 2015.
استعراض التجربة المصرية
وقد استعرض رئيس الهيئة أهم ملامح التجرية المصرية والتطور الحالي لصناديق التأمين الخاصة مشيداً بتعديلات اللائحة التنفيذية لقانون صناديق التأمين الخاصة والتي صدرت في عام 2015 والتى سمحت بتعيين مدير استثمار مسئول عن إدارة استثمارات تلك الصناديق، وكذا إصدار دليل قواعد الحوكمة لصناديق التأمين الخاصة-ولأول مرة- بهدف تعزيز أداء الإدارة الرشيدة لتلك الصناديق، وصدور قانون “تنظيم وتطوير استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية” فى عام 2022 لتحقيق الشمول المالى والذى يعد أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للهيئة العامة للرقابة المالية، حيث يساهم تطبيق هذا القانون في زيادة التغطية التأمينية لأصحاب المعاشات التقاعدية الاختيارية.
كما ستسهم التكنولوجيا المالية في تحسين عملية إدارة الاستثمارات والمخاطر المرتبطة بصناديق التقاعد نظراً لإتاحه استخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في جميع مراحل عملية الاستثمار والتي تساهم بشكل جذري في دعم قرارات الاستثمار لمديري الأصول، وأيضاً جذب انتباه الشباب للمنتجات التي تقدمها صناديق التقاعد.
ولفت عمران إلى أن احتفاظ الهيئة العامة للرقابة المالية في عام 2021 وللمرة الرابعة علي التوالي بعضويتها في اللجنة التنفيذية للمنظمة الدولية لمشرفي المعاشات التقاعدية (IOPS) التي تعد واحدة من المنظمات التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والمختصة بجميع أعمال وإجراءات الإشراف علي صناديق التقاعد الخاصة وكيفية الوصول إلى أفضل الممارسات في هذا المجال يعد بمثابة تقدير وإشادة دولية للتجربة المصرية وما تعاصره من إصلاحات مستمرة.
وفى نهاية عرضه للتجربة المصرية أكد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن استراتيجية الهيئة العامة للرقابة المالية تعتمد في تطويرها لأداء صناديق التأمين الخاصة علي تحقيق استقلالية وكفاءة مديري الصناديق ومجالس إدارتها وضمان وجود خبرات مرتبطة بأعمال وأنشطة تلك الصناديق، بالإضافة إلى إطلاق مبادرات للشراكة مع مديرى الاستثمارات والأصول المالية لخلق منتجات مالية طويلة الأجل تتناسب مع طبيعة والتزامات صناديق التأمين الخاصة.
كما تعمل الهيئة على تطوير الأنظمة المالية لصناديق التأمين الخاصة بما يسمح لها بالاندماج في منظومة الشمول المالى والاعتماد على المعاملات المالية غير النقدية، وأن الهيئة خلال الأربع سنوات القادمة ستعمل على تشجيع استخدام التكنولوجيا المالية وتسريع توظيف التكنولوجيا الرقمية لتحقيق الشمول المالي وتعميق مستويات الاستدامة، كما ستعمل على إدارة المخاطر وبناء نظام فعال للإنذار المبكر، و تعزيز مستويات الثقافة المالية وبناء القدرات وتطوير الأسواق المالية غير المصرفية.