الطريق إلي التقدم يبدأ من شنغهاي

باريس مدينة التاريخ أما شنغهاي فهي مدينة المستقبل

الطريق إلي التقدم يبدأ من شنغهاي
حازم شريف

حازم شريف

12:00 ص, الأثنين, 21 يونيو 10

«باريس مدينة التاريخ، أما شنغهاي فهي ».. كانت العبارة السابقة هي الرد الموجز الذي أجاب به كيشور محبوباني عميد معهد لي كوان يو للسياسات العامة التابع لجامعة سنغافورة، علي سؤال تقليدي لأحد الحاضرين: إذا كانت مصر راغبة في التقدم.. فإلي أين يتوجب عليها التوجه؟

المناسبة كانت حفل توقيع دعا إليه وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين نهاية الأسبوع الماضي، بمناسبة اصدار النسخة العربية لكتاب محبوباني الشهير «نصف العالم الآسيوي الجديد»، والذي تولي ترجمته المركز القومي للترجمة، وكتب المقدمة له محيي الدين نفسه.

ووفقا لمحبوباني الذي يعد أشهر الدبلوماسيين الآسيويين، وسبق له تمثيل بلاده في الأمم المتحدة، فإن هناك سببين رئيسيين يقفان من وجهة نظره وراء التفكير في كتابة مؤلفه الذي صار من أكثر الكتب جدلا علي المستوي العالمي في الفترة الماضية. أولهما ما سماه بانتهاء عصر الهيمنة الكاملة للغرب علي العالم، والثاني النهضة الآسيوية التي تتوقع العديد من المؤسسات الدولية أن تؤدي خلال العقود المقبلة إلي أن تتضمن قائمة أكبر أربع إقتصادات في العالم ثلاث دول آسيوية، هي الصين والهند واليابان، بالإضافة إلي الولايات المتحدة الأمريكية المنتظر أن تتخلي عن صدارتها لصالح العملاق الصيني.

7 مكونات للتقدم

وعدد محبوباني في كتابه 7 مكونات للتقدم، اقتبسها الآسيويون من الغرب لإحداث النهضة بدولهم، وهي اقتصاد السوق الحرة، والبحث العلمي والتكنولوجيا، والبرجماتية »العملية«، والجدارة والكفاءة الشخصية للفرد التي اتاحت إعادة استخدام الكم الهائل من العقول المتوافرة بالقارة الضخمة، وثقافة السلام، واحترام سيادة القانون، والتعليم.

وأدي كل ذلك إلي ما وصفه محبوباني بانفجار ثقافة الثقة في أوساط الشباب في آسيا، وحكي المؤلف الذي تلقي تعليمه في إحدي المدارس البريطانية بسنغافورة،أنه لوكان أحد سأله في تلك الفترة عما إذا كان من الممكن أن تؤدي سنغافورة أفضل من بريطانيا، فجاءت إجابته بالنفي المطلق، أما اليوم فإن الشباب في آسيا يعتقدون تماماً أنه مهما فعل نظراؤهم في الغرب، فإن بإمكانهم أن يأتوا بأفضل منه.

وعن رد الفعل الذي لقيه كتابه في الأوساط الغربية، أشار محبوباني، إلي أن العقل الانجلوسكسوني ما زال يقاوم بشدة، فكرة انتهاء هيمنة الغرب، وبالتالي ما يترتب عليه من مشاركة لأطراف أخري في حكم العالم. وقال: إن تلك المقاومة يجسدها اعجاب الغرب الشديد بكتاب فوكوياما الشهير »نهاية التاريخ«، رغم ما احتواه من مغالطة كبري بتأكيده علي الانتصار النهائي للحضارة الغربية، متناسيا أن العالم قادر علي اكتشاف مبادئ تحقيق التقدم والهيمنة في الثقافات الأخري والعمل بها.

وأكد أن الشرق الآسيوي لا يزال في مرحلة الاحساس بتراكم عناصر القوة الاقتصادية والرأسمالية، ولا تلح عليه كثيرا فكرة المطالبة بالمشاركة العادلة في قيادة العالم، ولكن ذلك سوف يحدث لا محالة في السنوات المقبلة. وأشار محبوباني إلي أن الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة، قد ساهمت في تسريع وتيرة ماورد بكتابه، بشأن تحول القوة  نحو الشرق.

واعتبر محبوباني أن ماحدث في آسيا يمثل بشري جيدة لباقي دول العالم وبصفة خاصة العالم الاسلامي، الذي يطرح دائما السؤال: هل يمكن أن يتم تحديث الدول دون أن تتغرب أي تسود في مجتمعاتها القيم الغربية؟ معتبرا أن أسيا قد نجحت في التحديث دون أن تسقط في فخ التغريب.

انتقادات كتاب محبوباني

من ناحية أخري وجه محمود محيي الدين عددًا من الانتقادات لبعض الأفكار في كتاب محبوباني،أولها أنه لم يتضمن أي إشارة إلي المساهمة أو المكون الآسيوي في تلك النهضة، بخلاف اتباعه القيم الغربية السبع. بالاضافة إلي تجاهل الاجابة علي سؤال: إلي أي مدي ممكن اعتبار هذا النمو الهائل آسيوياً خالصاً؟ فعلي سبيل المثال، فإن نسبة تتراوح ما بين 70 و %75 من الصادرات الصينية إلي السوق الأمريكية، تحتوي إما علي تكنولوجيا وإما علي مكون أمريكي!

محمود-محيي-الدين
محمود محيي الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولي

ويتمثل الانتقاد  الثالث، من وجهة نظر محيي الدين في تجاهل محبوباني  تأثير الكثير من التوترات  السياسية التي تشهدها القارة الآسيوية علي مستقبل معدلات النمو بنمورها الآسيوية.