باحث: نماذج الذكاء الاصطناعي تستهلك كمية مهولة من الطاقة وتفاقم الاحتباس الحراري

يستهلك 30 مرة طاقة أعلى من محرك البحث التقليدي

باحث: نماذج الذكاء الاصطناعي تستهلك كمية مهولة من الطاقة وتفاقم الاحتباس الحراري
نيفين نبيل

نيفين نبيل

9:39 ص, الأثنين, 16 سبتمبر 24

حذرت خبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي من التأثيرات الضارة للـ AI على المناخ، مؤكدة أن النماذج اللغوية الكبيرة تفاقم من أزمة المناخ، بسبب استهلاكها للطاقة بكميات مهولة وبالتالي زيادة البصمة الكربونية التي ترفع من درجات الحرارة عالميا.

يستهلك الذكاء الاصطناعي التوليدي 30 مرة طاقة أكثر من تلك التي يستهلكها محرك البحث التقليدي، هذا ما حذرت منه الباحثة ساشا لوتشيوني، في إطار مهمتها الرامية إلى رفع الوعي بالتأثير البيئي للتكنولوجيا الجديدة الرائجة.

و”ساشا” هي عالمة الكمبيوتر الكندية من أصل روسي، اختيرت كواحدة من أكثر 100 شخصية مؤثرة في عالم الذكاء الاصطناعي من قبل مجلة تايم الأمريكية عام 2024، وسعت لعدة سنوات إلى تحديد كمية الانبعاثات التي تنتجها برامج مثل ChatGPT أو Midjourney.

وفي حديثها لوكالة فرانس برس على هامش مؤتمر الذكاء الاصطناعي ALL IN في مونتريال، قالت : “أجد أنه من المخيب للآمال بشكل كبير أن يتم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للبحث في الإنترنت”، موضحة أن هذه التقنيات الجديدة تعمل من خلال النماذج اللغوية الكبيرة  التي تستند إليها البرامج لعمل قدرات حوسبة هائلة للتدريب على مليارات نقاط البيانات، مما يتطلب خوادم قوية، ثم هناك الطاقة اللازمة للرد على طلبات كل مستخدم.

وتوضح أن برامج الذكاء الاصطناعي “تولد معلومات جديدة، بدلاً من استخراج المعلومات ببساطة، كما تفعل محركات البحث للعثور على عاصمة بلد ما، على سبيل المثال”، مما يجعل الأمر برمته “أكثر استهلاكًا للطاقة”.

وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، استهلك قطاعا الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة مجتمعين ما يقرب من 460 تيرا وات ساعة من الكهرباء في عام 2022 أي ما يقدر بنحو 2٪ من إجمالي الإنتاج العالمي.

كباحثة رائدة في تأثير الذكاء الاصطناعي على المناخ، شاركت “ساشا” عام 2020 في إنشاء أداة للمطورين لقياس البصمة الكربونية اللازمة لتشغيل جزء من “الكودات” أو التعليمات البرمجية المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، ومنذ ذلك الحين تم تنزيل “CodeCarbon” أكثر من مليون مرة.

تعمل الآن، بصفتها رئيسة استراتيجية المناخ في شركة Hugging Face الناشئة، وهي منصة مخصصة لمشاركة نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، وهي تعكف حاليا على إنشاء نظام يعطي شهادات ودرجات مختلفة لنماذج اللغة الكبيرة التي تقوم عليها أدوات الـ AI، وستكون وفقا لاستهلاكها للطاقة.

وعلى غرار البرنامج الذي أطلقته وكالة حماية البيئة الأمريكية والذي يمنح درجات بناءً على استهلاك الأجهزة الإلكترونية والأجهزة المنزلية للطاقة، فإن هذا من شأنه أن يجعل من الممكن معرفة كمية استهلاك الطاقة لمنتجات الذكاء الاصطناعي لتشجيع المستخدمين والمطورين على “اتخاذ قرارات أفضل”.

لتطوير أداتها الجديدة، تجري “ساشا” تجارب عليها عليها مع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يمكن للجميع الوصول إليها أو مفتوحة المصدر، لكنها ترغب أيضًا في القيام بذلك على نماذج تجارية من جوجل أو OpenAI، وهي الشركات التي ما زالت مترددة في الموافقة.

وعلى الرغم من التزام مايكروسوفت وجوجل بتحقيق الحياد الكربوني بحلول نهاية العقد، شهدت شركات التكنولوجيا العملاقة في الولايات المتحدة ارتفاع انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري في عام 2023 بسبب الذكاء الاصطناعي: بنسبة 48٪ لشركة جوجل مقارنة بعام 2019 و 29٪ لشركة مايكروسوفت مقارنة بعام 2020.

وبحسب ساشا، التي دعت إلى مزيد من الشفافية من شركات التكنولوجيا بشأن الذكاء الاصطناعي التوليدي: “نحن نسرع ​​أزمة المناخ”.

وتقول إن الحل يمكن أن يأتي من الحكومات التي “تطير بشكل أعمى” حسب وصفها، في الوقت الحالي دون معرفة حقيقية بالآثار السلبية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع، أو الكيفية التي يتم تدريب هذه الخوارزميات”.

“بمجرد أن نحصل على الشفافية، يمكننا البدء في التشريع”.

ومن الضروري أيضًا “شرح للناس ما يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يفعله وما لا يمكنه فعله، وبأي تكلفة”، وفقًا للوتشيوني.

في دراستها الأخيرة، أثبتت الباحثة أن إنتاج صورة عالية الدقة باستخدام الذكاء الاصطناعي يستهلك قدرًا من الطاقة مثل إعادة شحن بطارية هاتفك المحمول بالكامل.

في الوقت الذي ترغب فيه المزيد والمزيد من الشركات في دمج التكنولوجيا بشكل أكبر في الحياة اليومية – من خلال الروبوتات المحادثة والأجهزة المتصلة أو في عمليات البحث عبر الإنترنت – تدعو ساشا إلى “الاعتدال في استخدام الطاقة”، وتؤكد أن الفكرة هنا ليست معارضة الذكاء الاصطناعي بل اختيار الأدوات المناسبة واستخدامها بحكمة.