قالت منى بدير، محلل الاقتصاد الكُلي بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن فيروس “كورونا” يُهدد بدخول الاقتصاد المحلي في حالة انكماش خلال الربع الأخير من العام المالي 2020 للمرة الأولى منذ عقد تقريبًا.
وأوضحت، في تقريرٍ بحثيّ حصلت “المال” على نسخة منه، أن مسار الانتعاش سيكون مرهونًا بفاعلية السياسات الكلية في كسر سلسلة التفاعلات الناتجة عن دوامة العرض والطلب الانكماشية.
وأوضحت أن دوامة العرض والطلب الانكماشية تنقسم إلى 4 مراحل، تتمثل المرحلة الأولى في حدوث اضطرابات في العرض، وتدهور الطلب نتيجة حالة الذعر وعدم اليقين.
وثانيًا تتعرض الشركات لضغوطًا مالية، ثم انخفاض الإنفاق الرأسمالي وزيادة البطالة، ثم تكبح حالة البطالة انتعاش الطلب.
4 محركات تحدد مسار السياسة المالية للحد من تداعيات كورونا
ولفتت بدير إلى أن هناك 4 محركات رئيسية يمكن أن تُحدد مسار السياسة المالية للتخفيف من الأثر طويل وقصير الأجل لتداعيات “كورونا”، أولها حجم الضغوط المالية للشركات، وتدهور مرحكات سوق العمل، إلى جانب انهيار الإنفاق الرأسمالي، وأخيرًا التباطؤ في انتعاش الاستهلاك المكبوت.
وأوضحت محلل الاقتصاد الكُلي لدى “برايم” أن الحكومة المصرية استندت إلى نهج “كل ما يتطلبهُ الأمر” في تقديم مجموعة من الإجراءات الجديدة لدعم النمو الاقتصادي في مواجهة الاضطرابات الناتجة عن الجائحة.
وتابعت: فبعد إعلان الحكومة حزمة من تحفيز مالي بقيمة 100 مليار جنيه أعلن البنك المركزي تدابير ائتمانية نقدية، بما في ذلك خفض الفائدة 300 نقطة أساس في شهر مارس، لمواجهة الاضطرابات الناجمة عن الإغلاق بسبب الجائحة.
وأوضحت أن تدابير السياسة النقدية والمالية تم تنفيذها من أجل: أولًا تجنب الأضطرابات في الأسواق المالية، وتيسير الحصول على الائتمان خلال فترة ارتباك الاقتصاد، إلى جانب ضمان حصول الشركات على تدفقات نقدية كافية، عن طريق تخفيف الضغط المالية من خلال إعفاءات ضريبية، وأخيرًا دعم العاملين في القطاعات المتضررة.
ولفتت منى بدير إلى أنه يتعين على الحكومة أن تفعل كل ما يلزم لضمان استمرار الشركات ومنع موجات خفض الإنتاج وارتفاع القروض المتعثرة والبطالة.
وأشارت إلى أن السياسة المالية لديها مساحة أكبر من السياسة النقدية لإجراءات التخفيف في هذه المرحلة، حيث إن التحفيز المالي لديه القدرة على كبح دوامة العرض والطلب الانكماشية من خلال تعزيز الطلب بشكل مباشر وسريع أكثر من السياسة النقدية.
وتابعت: ولذلك ركزت تدابير السياسة المالية المقترحة حتى الآن على ثلاثة مجالات، أولًا استخدام نظام التحويل للتخفيف من انخفاض الطلب، وثانيًا التدابير المالية النقدية بشكل رئيسي لقطاع الصحة، وثالثًا دعم الدولة المستهدف للقطاعات الأكثر تضررًا من جائحة “كورونا”.
ونوهت بأنه على الرغم من ذلك هناك خطر من التحرك ببط شديد؛ نظرًا لحالة عدم اليقين التى لا تزال تحد من أي محاولة دقيقة للتنبؤ بمدى الضغط الاقتصادي المدفوع بالفيروس ومدته.
وذكرت أن الإجراءات المالية ممكن أن تتخذ شكلًا من أشكال المعاملة الضريبية التفضيلية مثل إعفاءات ضرائب أو رد ضرائب، وذلك بطريقة مخصصة أو ضخ الأموال من خلال خطط الإنقاذ للقطاعات ذات الأولوية.
ولفتت إلى أنه لا يزال تخفيض أسعار الطاقة من الخيارات المطروحة أيضًا، وبالأخص بالنسبة للصناعات التى تواجه تدهورًا من ناحيتي الصادرات والطلب المحلي، في حين أن التوسع بالاستثمار الحكومي أمر لا مفر منه، وخاصة في القطاع الصحي.