أطاحت أزمة «كورونا» المستجدة بالتوقعات المبدئية من جانب بنوك الاستثمار المحلية لتحركات الاقتصاد المصرى خلال العام المالى (2019-2020)، ودفعتهم لتخفيضها بشكل واضح بنسب قاربت %50.
توقع محللو الاقتصاد الكلى أن تنخفض معدلات النمو جراء ذلك لتتراوح بين 4 إلى %5 مقارنة مع %5.8 سابقًا، وتوقعوا تراجع إيرادات القطاع السياحى وقناة السويس، فيما رجحوا استقرار أسعار الصرف ومعدلات التضخم.
فاروس تتوقع أن تترواح إيرادات السياحة بين 6 إلى 8 مليارات دولار مقارنة مع 12.6 مليار دولار
قالت ساندى إسكاروس، محللة الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار «فاروس»، إن أزمة «كورونا» دفعت إلى خفض التوقعات لجميع قطاعات الاقتصاد المحلى.
أضافت أن هبوط أسعار النفط يؤدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس، وانخفاض العجز التجارى النفطي، وتراجع أرقام العجز المالي، وضعف مستويات تحويلات المصريين من الخارج.
أوضحت أن تباطؤ اقتصادات دول منطقة الخليج العربى سيؤثر بالسلب على قطاع السياحة، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، واستثمار الأجانب فى محافظ الأوراق المالية، بينما تتقلص مستويات العجز التجارى.
توقعت أن تسجل إيرادات السياحة نهاية العام المالى الحالى بين 6 إلى 8 مليارات دولار مقارنة مع 12.6 مليار دولار كانت متوقعة قبل ظهور أزمة «كورونا»، نتيجة لإغلاق الحدود بين دول العالم وحظر السفر.
أشارت إلى أن حالة الوهن التى أصابت اقتصادات دول العالم تؤدى إلى انخفاض حجم التبادل التجارى (دون أن ننسى أن مستويات عجز الميزان التجارى ستنخفض)، وتؤدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس وقطاع السياحة، وسحب الأموال من محافظ الاستثمار الأجنبى المباشر، ومحافظ الأجانب فى سوق الأوراق المالية.
أكدت أنه من المرجح انخفاض التوقعات بالنسبة لإيرادات قناة السويس من مستوى 101.1 مليار جنيه إلى 98.6 مليار جنيه، جراء تراجع أسعار النفط وتباطؤ حركة الاقتصاد العالمي، وانخفاض أحجام التبادى التجارى وتوقف سلاسل التوريد والإنتاج.
خفضت ساندى توقعاتها بالنسبة للاستثمارات الأجنبية فى محافظ الأوراق المالية من مستوى 4.5 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار عقب ظهور مستجد «كورونا»، بسبب موجة تخارج عالمية من الأسواق وخاصة الناشئة، والخوف الحاد من الركود وزيادة ضبابية المشهد الاقتصادي، والهبوط الحاد فى أسواق الأسهم العالمية وارتفاع مخاطر تعرض الدول والشركات لإفلاس.
رجحت أن تنخفض التوقعات للاستثمارت الأجنبية المباشرة من مستوى 6.5 مليار دولار إلى 4.5 مليار دولار، وتحويلات المصريين فى الخارج من 22 مليار دولار بين 17 إلى 18 مليار دولار، بسبب ضعف اقتصاديات دول الخليج وتراجع أسعار النفط.
على مستوى ميزان المدفوعات رجحت أن يؤدى تراجع السياحة والاستثمارات والجنيه والتحويلات الخارجية جراء «كورونا»، وتراجع إيرادات السياحية وقناة السويس وتحويلات المصريين من الخارج إلى هبوط سعر صرف الجنيه، وارتفاع مستويات التضخم ما يعنى حدوث تغيرات على مستوى سياستنا النقدية.
توقعت أن تسجل مستويات التضخم بين 5 – %6 نهاية العام، وأن يتراجع سعر العملة المحلية عند ما بين 16 إلى 17 جنيهًا مقابل الدولار بسبب قلة مصادر تدفق الدولارات وضعف التجارة، وأخيرًا توقعت أن تشهد معدلات الفائدة خفضًا بنسبة 100 إلى 150 نقطة خلال 2020 بسبب التخوفات من الركود ومحاولات دعم القطاع الخاص وضخ سيولة.
توقعت أن تنخفض مستويات المصروفات، والإيرادات، وخدمة الدين، بينما يرتفع عائد الاستثمار فى أدوات الخزانة.
خفضت التوقعات لنمو الناتج المحلى الإجمالى من %5.6 إلى 4 أو 5%، بسبب احتمال أن يفشل القطاع الخاص فى تعويض حجم الخسائر، وغياب أى مؤشرات على قوة الطلب إلى جانب توقف سلاسل التوريد وتراجع سعر الصرف.
فيما يتعلق بقطاع السلع والخدمات رجحت ساندى تراجع مستويات إجمالى الناتج المحلي، ومؤشر مديرى المشتريات والتوظيف.
هيرمس تخفض التوقعات لإيرادات قناة السويس 15%
قال محمد أبو باشا، كبير محللى الاقتصاد الكلى بالمجموعة المالية «هيرمس»، إن شركته كانت تتوقع أن يسجل معدل النمو الاقتصاد المحلي، %5.8 لكن بظهور أزمة كورونا وبداية حالة الركود فى بعض القطاعات تم تخفيضها لتترواح بين 4 إلى %4.5.
يُذكر أن معدل نمو الاقتصادى المحلى سجل %5.6 خلال النصف الأول من العام المالى (2019-2020)، رغم استمرار النمو العالمى فى التباطؤ حينها.
أشار إلى أنهُ تم تخفيض التوقعات لإيرادات قطاع السياحة لتتراوح بين 5 إلى 6 مليارات دولار، مقارنة مع 15 مليار دولار كانت متوقعة قبل ظهور أزمة «كورونا».
جاءت نظرتهُ مستقرة بالنسبة لمعدلات التضخم وسعر الصرف، موضحًا أنهُ من المرجح أن تترواح بين 7 إلى %8 بالنسبة للحضر نهابة العام المالى الجاري، على أن يتراوح سعر الصرف بين 15.70 إلى 16.10 جنيه. وخفض نظرتهُ بالنسبة لإيردات قناة السويس مرجحًا أن تسجل 4.6 مليار دولار مقارنة مع 5.7 مليار دولار سابقًا بانخفاض قدرهُ %15.
على صعيد أسعار النفط توقع أبو باشا أن تسجل 30 دولارًا للبرميل الواحد كمتوسط سعري، خلال الربع الأخير من العام المالى الحالى.
بشكل عام قال إن القرارت الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة كانت جيدة، وقللت من صدمات «كورونا» ولو قليلاً، مشيرًا إلى أن استمرار الوضع يدفع لإتخاذ مزيد من القرارات سواء بإعفاءات ضريبة أو أى تسهيلات أخرى.
برايم ترجح استقرار التضخم.. وتحرك الدولار بين 16.5 و16.8 جنيه
قالت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى بشركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، إن الأوضاع الاقتصادية على الصعيد المحلى والعالمى كانت مستقرة خلال النصف الأول من العام المالى الجاري.
لفتت إلى أن بوادر أزمة «كورونا» بدأت فى الظهور منذ بداية مارس الماضي، لكنها نالت من التوقعات الاقتصادية التى كانت مرسومة بمستهل العام لتخفضها.
أشارت إلى أنها كانت تتوقع ببداية العام المالى أن يسجل معدل النمو المحلى بنهاية العام حوالى %5.8، لكن عقب تلك التطورات تم تخفيض تلك النسبة بناء على التأثيرات السلبية الواقعة لتسجل 4.8 – %4.9.
أوضحت أن تلك النظرة لمعدل النمو المحلى تعد متفائلة نتيجة لقدرة السوق المحلية على امتصاص الأزمات سريعًا.
لفتت منى بدير إلى أن أزمة «كورونا» أطاحت بقطاعات وصعدت بأخرى، ولا تزال القطاعات الدفاعية كالأغذية والمشروبات والدواء مستقرة حتى الفترة الحالية، فيما تدهور أداء القطاعات الترفيهية كالسياحة وغيرها.
تابعت: «أزمة «كورونا» لن تقتصر على تدهور أداء بعض القطاعات إنما تطال من وضع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سواء على الصعيد المحلى أو الخارجي، وتؤثر سلبًا على وضع الصادرات والواردات ليس على الصعيد المحلى فقط ولكن عالميًا أيضاً.
على صعيد توقعاتها للقطاع السياحى قالت إن قطاع السياحة يُعد من أكثر القطاعات تأثرًا بأزمة «كورونا»، موضحةً أنها كانت تتوقع قبل بدء تأثيرات «كورونا» أن تحقق إيرادات السياحة نهاية العام المالى الحالى 13 مليار دولار، ولكن تم تخفيض تلك التوقعات وفقًا للأزمات الحالية وتوقف حركة السياحة عالميًا لتترواح بين 7 إلى 8 مليارات دولار.
أضافت أنه حال استمرار تداعيات «كورونا» السلبية لفصل الصيف، يكون التأثر أكبر بالنسبة لقطاع السياحة، لا سيما أن فصل الصيف يُعد من أفضل المواسم السياحية ومعظم الإيرادات تُحقق خلاله.
رجحت أن تُصيب أزمة «كورونا» تحويلات المصريين بالخارج بالضعف، بسبب التوجه من مسئولى الشركات بالتخلى عن العمالة، أو تقليل مرتباتهم وتُصيب إيرادات قناة السويس، بسبب توقف حركة التجارة الخارجية بالفترة الحالية.
أما على صعيد التضخم قالت إن التوقعات تُشير إلى أن تستمر معدلات التضخم وفقًا لتوقعات البنك المركزى %9 (± %3).
أوضحت أن التضخم متوقع أن يزداد بسبب عدة عوامل خلال الفترة المتبقية بالعام المالى الحالي، أولها تراجع الطلب الواقع حاليًا باستثناء قطاعات معينه كالطبى والغذائي، إلى جانب استقرار أسعار الصرف حتى الوقت الراهن مرجحة أن يتحرك سعر الصرف بين 16.5 و16.8 جنيه حتى نهاية 2019 – 2020.
سى آى كابيتال: هبوط النفط يسمح للحكومة المصرية بخفض سعر الطاقة
على صعيد آخر استعرض تقرير حديث صادر عن شركة سى آى كابيتال ، التأثيرات الاقتصادية المرتقبة لفيروس كورونا على الاقتصاد المصري، واقتصاد السعودية والكويت، والإجراءات التى اتخذتها الحكومات لمحاولة التقليل من آثاره.
ذكر التقرير أن مصر تستفيد على مستوى تكلفة الدين المحلى من انخفاض الفائدة (كل انخفاض بنسبة %0.5 يؤدى إلى توفير 5 مليارات جنيه على مستوى الموازنة).
توقع التقرير أن تؤدى أحجام العملات الأجنبية فى مصر التى تبلغ 30 مليار دولار (الودائع غير المتضمنة فى صافى الاحتياطيات الدولية أو صافى الأصول الأجنبية) إلى تقليص الضغوط فى المدى القصير على الجنيه.
افترض التقرير سيناريو سلبى يتمثل فى الآتى: «انخفاض عائدات السياحة بما يتراوح بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار فى الربع الثانى من 2020، إلى جانب خروج المزيد من استثمارات المحافظ الأجنبية، لتسجل 8 إلى 10 مليارات دولار فى الفترة من 20 فبراير حتى الآن (حسب معلومات السوق الخاصة بالشركة)، بجانب ذلك انخفاض محتمل فى الاستيراد، وبالتالى تراجع منحنى التكلفة».
أوضح التقرير أن انخفاض أسعار النفط يسمح للحكومة بتخفيض أسعار الطاقة المحلية بنسبة تصل إلى %10 فى المراجعة المقبلة لأسعار البنزين طبقا لآلية التسعير التلقائي، من شأنه أن يساعد فى احتواء الضغوط التضخمية الأخرى التى تنشأ فى الفترة المقبلة، ونتيجة لذلك نرى إمكانية تراجع مستويات التضخم لأقل من المتوقع عند 7 – %8 لعام 2020.
رجح التقرير أن يؤدى خفض معدلات سعر الفائدة الرئيسية إلى إعادة توزيع جزئى للسيولة لدى البنوك المحلية من ودائع مرتبطة بسعر الكوريدور (الرصيد الحالى يبلغ 592 مليار جنيه) نحو سوق أدوات الدين المحلية.
جاءت توقعات عديدة أن فيروس «كورونا» يضر بنمو الاقتصاد العالمى ليُحدث تأثيرات كارثية فى ظل توقف حركة التجارة العالمية والسياحة.