بين أرمينيا وأذربيجان.. معظم النار من مستصغر الشرر

بين أرمينيا وأذربيجان.. معظم النار من مستصغر الشرر
شريف عطية

شريف عطية

7:24 ص, الأحد, 18 أكتوبر 20

الرفاق يتساءلون- رغم بعد الشُّقّة الجغرافية – عما يجرى من سجال بين أرمينيا وأذربيجان، إذ يرتبط المصريون بوشائج عميقة مع الأرمن، أقرب الجاليات الأجنبية إسهاماً فى المسيرة الحضارية المصرية، فيما تمثل الرابطة الإسلامية قاسماً مشتركاً بينهم مع الأذريين، إذ تعود جذور الحالة العدائية بين البلدين إلى تاريخ المذبحة اللا إنسانية التى نصبتها تركيا للأرمن على أراضيها فى العام 2015، على خلفية مقدمات الحرب العظمى بين فرنسا وتركيا العثمانية.. التى تربطها منذئذ مع أذربيجان علاقات تاريخية وثقافية وطيدة- لا تزال- ذلك فيما أدت الكمائن الحدودية من جانب آخر.. التى استحدثها وتلاعب بها «ستالين» بين جمهوريات الاتحاد السوفيتى الناشئ مطلع عشرينيات القرن الماضى.. إلى بروز ما يسمى أزمة إقليم- ناغورنى قرة باغ- بين الأرمن والأذريين (150 ألف نسمة ينتمى %90 منهم عرقياً إلى الأرمن)، الأمر الذى دعا إلى تفجر الخلافات بشأنه على خلفية تفكك الاتحاد السوفيتى عشية تسعينيات القرن الماضى، حين استضافت أرمينيا قاعدة روسية كبرى فى أراضيها، بينما رغبت أذربيجان فى الانضمام إلى «العالم الغربي».. وللتعاون العسكرى مع إسرائيل الحريصة من جانبها على عدم خسارة حليفتها الأرمينية الأخرى، وصولاً إلى وضعية غامضة مكنت تركيا مجدداً من طرح نفسها باعتبارها الداعم الرئيسى لأذربيجان، ذلك فيما أكدت الولايات المتحدة- لأسبابها- اهتماماً أقل بالأمر عما كانت عليه فى الماضى، مكتفية باتهام أذربيجان فحسب بتصعيد الهجوم على أرمينيا، خاصة مع استجابة كل من الأرمن والأذريين للسلم دون الحماسة لاستمرار القتال الذى يدعى أحدهما على الآخر بخرق إيقاف النار، إلا أن تركيا تعمل كقوة إمبريالية إقليمية صاعدة على استمرار النزاع لضمان مصالحها، سواء الجيوسياسية أو البترولية المحتملة فى الإقليم، ما يدعو أوروبا من ثم إلى البروز فى الصراع، خاصة من جانب فرنسا التى ترفع لواء الاتحاد الأوروبى من خلال عضويتها فى «مجموعة منسك» التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبى التى تضم كلا من الولايات المتحدة وروسيا، بحيث دعت باريس إلى فرض عقوبات على أنقرة- الداعمة لأذربيجان- بقوة ذلك فى إطار المنافسة المشتعلة بينها وبين تركيا.. تظهر تجلياتها فى شمال أفريقيا ومنطقة الهلال الخصيب وحوض البحر المتوسط، ما بين سعى فرنسا للنهضة على صعيد سياساتها الخارجية.. وبين تركيا الساعية إلى استعراض القوة العسكرية وللتوغل فى العديد من المناطق، فى إطار ثمة تنافس مشتعل بين البلدين على النفوذ، فى الوقت الذى يقف الاتحاد الأوروبى على الهامش غالباً، فيما انتهجت باريس سياسة خارجية وأمنية واضحة وصريحة، تقف خلاله إلى جانب تحالف مناهض لتركيا عبر منطقة الشرق الأوسط «الموسع»، يضم مصر والإمارات والسعودية والجيش الوطنى الليبى، وهى أطراف تشارك جميعها فى صراع اقتصادى وثقافى وسياسى وأيديولوجى أوسع نطاقًا مع تركيا، بما فى ذلك الحالة الأرمينية الأذربيجانية، خاصة أن روسيا الحاضرة فى صراعهما.. ليست لديها مصلحة- لأسبابها- فى رؤية أى من البلدين ينتصر على الآخر، ذلك بالرغم من مخاطر أن يتحول هذا الصراع إلى جزء من صراع أكثر اتساعاً بكثير بين الدول المتحالفة.. إما مع أنقرة أو مع باريس، وليشتعل من ثم بقوة لفترة طويلة، ما قديشكل تهديداً لكل من الجوار الأوروبى- الشرق أوسطى.. ولمشروع «الشراكة المشرقية» التابع للاتحاد الأوروبى، الذى بدوره أصبح لزاماً عليه- فى ضوء فقدان الولايات المتحدة اهتمامها بالشأن العالمى- تعزيز جهوده فى التصدى للقوى المتنمرة فى المناطق المجاورة- منها الحالة الأرمينية الأذربيجانية- إذ إن معظم النار من مستصغر الشرر