التربح من هبوط الأسهم ميزة متاحة في البورصات العالمية، لكنها محفوفة بالمخاطر والصعوبات في بورصة تداول السعودية، ما يجعل المستثمرين يفكرون ألف مرة قبل المراهنة على هبوط سهم شركة أرامكو.
حصيلة قياسية
وارتفعت أسهم شركة أرامكو السعودية بنسبة 10% أثناء التداول عليها بعد نجاحها في جمع حصيلة قياسية بقيمة 25.6 مليار دولار، نتاج طرحها الأولي مطلع الشهر الحالي.
الشورت سلنج
الشورت سلنج أو بيع الأسهم المقترضة هي الآلية التي تسمح للمستثمرين بالتربح عبر المراهنة على هبوط الأسهم. وهذه الآلية أصبحت متاحة نظريًا على أقل تقدير في بورصة تداول السعودية منذ عام 2017.
والمشكلة هي أن هذه الآلية متوقفة وغير مطبقة فعليًا في السعودية، حسب ماريا سالم رئيس المؤسسات لدى شركة دمان للأوراق المالية في دبي.
المانع الديني
والمانع الديني هو العائق الأول لتطبيقها، فهناك علماء دين في السعودية يعتبرون آلية الشورت سلنج محرمة دينيًا لمخالفتها قواعد الشريعة الإسلامية، حسب وكالة بلومبرج، على الرغم من إباحتها في بلدان إسلامية أخرى مثل ماليزيا، حسب محمد شهيد إبراهيم أستاذ التمويل الإسلامي بجامعة درهام.
وأردف ماريا سالم: “الفكرة الأساسية التي تضبط التمويل الإسلامي هو ضرورة توخي الإنصاف في التعامل المالي مع الناس. والقرآن ينص على حرمانية بيع ما لا تملكه”.
توقعات متشائمة
المستثمرون الذين لديهم توقعات متشائمة بشأن قيمة سهم متداول في بورصة السعودية أصبح يتعين عليهم الذهاب إلى بورصات أخرى بحثًا عن أسهم يمكنهم اقتراضها بغرض بيعها.
المستثمرون الأجانب
لكن المستثمر الذي يريد اقتراض سهم أرامكو سيجد صعوبة بالغة في العثور على مالك أجنبي يرغب في إقراضها.
والسبب في هذا هو أن نسبة 0.19 % فقط من أسهم أرامكو مملوكة لمستثمرين أجانب، حسب بيانات نشرتها البورصة السعودية يوم 25 ديسمبر الجاري.
وتتزايد تكلفة اقتراضها؛ لأنها مملوكة لعدد محدود من المؤسسات الاستثمارية.
وقال سالم: “التكاليف اللازمة لاقتراض سهم أرامكو على وجه الخصوص باهظة بسبب حداثة طرح الشركة للتداول، ما يعزز المراهنة على التقلبات السعرية”.
العقود الآجلة
وعندما يتم اعتبار تكالفة اقتراض الأسهم ربوية ربما يلجأ المستثمر للمراهنة على سعر هبوط أسهم أرامكو عبر آلية الشورت الهجين.
وتطبق هذه الآلية عبر إبرام عقود مثل الخيارات والعقود الآجلة والمقايضة دون الحاجة لإقتراض الأسهم.
مخاطرة فوق المخاطرة
لكن المستثمر لسوء حظه لن يعثر على خيارات متداولة لأسهم شركة أرامكو، وسيتحتم عليه لذلك الاعتماد على بنك مستعد لبيع منتج في السوق غير الرسمية، وستعني مشاركة البنك بمثابة إضافة عنصر مخاطرة إلى القائمة فعليًا.
صعوبة الاقتراض
لن يكون خيار الشورت الهجين رخيصًا؛ بسبب صعوبة اقتراض الأسهم بغرض البيع داخل البورصة السعودية، وسيكون أي طرف جديد في حاجة لفرض رسوم جديدة بسبب صعوبة اقتراض الأسهم.
عائق معنوى
وهناك عائق معنوي آخر للتربح عبر المراهنة على هبوط أسهم أرامكو، حسب جيم كرين زميل بحوث الطالة لدى معهد باكر التابع لجامعة رايس، ويعني وجود هذا العائق المعنوي تصادم المراهنة على هبوط أرامكو مع تعهد المملكة المضمر بحماية استثمارات المواطن السعودي في الشركة.
وتابع ماريا سالم: ” لقد خلقوا عائقا معنويا عندما عرضوا تمويلات بأسعار فائدة متدنية لتحفيز الناس على شراء أسهم أرامكو، كما منحوا أسهم مجانية ومحفزات أخرى، ويعطى هذا انطباعا بأن أسهم أرامكو لن تهبط أبدا”.
المستثمر الأكبر
وتوافق على هذا الرأي عائشة مهتا مديرة المحافظ لدى صندوق إل إل سي لإدارة الأصول في بوسطن الأمريكية.
وتقول:” هناك إدراك واسع النطاق بأن الحكومة هي المستثمر الأكبر في أرامكو، وأنها ستتدخل خلال فترة التقلبات السعرية لحماية الأسعار”.
ذروة الصعود
ويحذر محللون مثل نيل بيفيردج واسوالد كلنت من مؤسسة بيرشتاين من أن أسهم أرامكو أصبحت قريبة من بلوغ ذروة صعودها إن لم تكن قد بلغت هذه الذروة بالفعل.
وهبطت بالفعل أسهم أرامكو بنحو 7% مقارنة بأعلى سعر إغلاق بلغته يوم 16 ديسمبر الماضي.
جني الأرباح
وخاطب محللو مؤسسة بيرشتاين عملاءهم بعد وقت قصير من استكمال الطرح الأولى لأسهم عملاق البترول السعودي، وقالوا لهم إن مستثمرين باعوا سهم أرامكو لجنى الأرباح، أما الذين لم يبيعوا سهمها حتى الآن فإنهم يتحينون الفرصة المناسبة التي ستجئ حتما”.
يشار إلى أن المرحلة الأولى لممارسة آلية الشورت سلنج تشمل اقتراض الأسهم ثم بيعها عند هبوط سعرها، وردها إلى مالكها الأصلي.
ويحقق مقترض الأسهم المكاسب الناتجة عن الفرق بين سعر الأسهم عند الشراء والبيع.