حققت شركات التكنولوجيا المالية المصرية نجاحات قوية فى الفترة الماضية عبر التوسع فى الإنفاق على تعزيز منصاتها للمدفوعات وتحويل الأموال وبناء شراكات قوية مع مؤسسات المال فى السوق المحلية، ما جعلها مؤهلة لغزو أسواق دول مجاورة، مثل المغرب والجزائر وتونس ولبنان، والتى لا تزال تعانى ضعف استخدامات المنتجات المصرفية الرسمية وتحتاج إلى تحسين سيولتها الاقتصادية، حسب تقرير لشركة فيتش سوليوشنز الاستشارية التابعة لوكالة فيتش للتصنيف الائتمانى العالمية.
عروض المؤسسات المحلية فى مسابقة «سيتى» اتسمت بالنضج والتأسيس الجيد
أشارت الوكالة إلى فوز شركتى فورى وباى سكاى بمركزين متقدمين ضمن مسابقة أطلقتها مؤسسة سيتى المالية الدولية تعمل تحت اسم «تحدى التكنولوجيا المالية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2019».
وتقدم المشاركون بحلول مبتكرة لأربع مشكلات هى: التحصيل النقدى الرقمى، والمدفوعات المضمونة، وربط الشركات بعملائها، ورقمنة العمليات التجارية.
واتسمت عروض الشركات المصرية بالنضج والتأسيس الجيد- بحسب التقرير- كما أثبتت أنها ضمن أقوى اللاعبين فى المسابقة التى تفتح الطريق أمامها للتوسع على الساحة الدولية.
كيانات محلية كثيرة فى مجال الدفع الإلكترونى قد تخضع للاندماج أو الاستحواذ
وتستبعد شركة الأبحاث الدولية أن تنجح جميع شركات التكنولوجيا المالية الجديدة فى الاستمرار وبلوغ مرحلة النضوج، ما سيدفعها للاندماج مع أخرى تقدم خدمات تكميلية أو الخضوع للاستحواذ من جانب الشركات الأكبر حجما التى تقدم خدمات مالية مبتكرة.
يذكر أن شركة فورى لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية أجرت عدة عمليات استحواذ خلال الفترة الماضية شملت شراء حصص فى 3 شركات ناشئة هى «وفّرها» و»بوسطة» و»تذكرة».
وكشفت فيتش سوليوشنز عن انتعاش خدمات التكنولوجيا المالية بالسوق المصرى فى ظل تأسيس المزيد من الشركات الناشئة وتمكنها من العمل بوضوح وفاعلية أكبر محليًّا وعلى مسرح الأعمال فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
«المركزى» يخطط لإطلاق صندوق دعم التكنولوجيا بقيمة 100 مليون دولار
«يعد البنك المركزى المصرى خططًا لإطلاق صندوق لدعم التكنولوجيا المالية بقيمة 100 مليون دولار، مطلع عام 2020»، وفقًا لفيتش.
وأشارت إلى أنه تم ضخ استثمارات بقيمة 200 مليون دولار في قطاع التكنولوجيا المالية المصرى، لافتة إلى قيام البنك المركزى بإنشاء برمجيات تأمين مدعمة تضمن حصول الخدمات والتطبيقات الجديدة على قدر عال من التأمين وتلبية معايير الاستخدام.
القاهرة ستصبح لاعبًا أساسيًّا فى سوق خدمات التكنولوجيا المالية فى شمال أفريقيا
وأكدت فيتش سوليوشنز أن مصر ستصبح لاعبًا أساسيًّا فى سوق خدمات التكنولوجيا المالية فى شمال أفريقيا، بدعم من الضعف النسبى للأسواق المجاورة والاستخدام المتواضع للخدمات المصرفية التقليدية وتواجد العديد من رواد الأعمال الذين لهم باع عريض بالتكنولوجيا.
وأشارت إلى تميز مصر بتوفر نظام قوى وآمن للاتصالات واستعداد الحكومة لاستخدام التكنولوجيا لخلق مجتمع غير نقدى.
كما أنه يتوفر مجال رحب داخل السوق المصرية يسمح بتغلغل الخدمات الأكثر تعقيدًا، حيث لا يمتلك ما يزيد على 80% من السكان البالغ عددهم 100 مليون نسمة أية حسابات مصرفية تقليدية.
كما يتركز نشاط معظم البنوك على إتاحة منصات الدفع وتحويل الأموال الأساسية مثل بطاقات الخصم المباشر ومسبوقة الدفع وخدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول.
وتابعت: تشير مسوح البنك المركزى إلى أن ما يقل عن 13% من المشتركين فى الهاتف المحمول البالغ عددهم 94 مليون شخص قد اشتركوا فى أحد خدمات نقل الأموال عبر الهاتف، مرجحة عدم تسجيل أعداد المشتركين فى هذه الخدمات معدلات نمو قوية بينما ينصبّ اهتمام القطاع على نظام بطاقات ميزة مسبوقة الدفع.
بطاقات «ميزة» أولى الخطوات نحو زيادة الشمول المالى لكنها تحتاج لتوسيع نطاق قبولها
وأشارت فيتش إلى أن بطاقات ميزة ربما لا تتمكن بشكل ملحوظ من تحسين الشمول المالى أو تقديم خدمات مالية متقدمة للشركات الصغيرة والمتوسطة، بالنظر إلى ميل الأخيرة لتجنب البنوك التقليدية بسبب ارتفاع الرسوم وضعف فرص الوصول إلى أفرعها، إضافة إلى أن «ميزة» لا يمكن استخدامها إلا عند منافذ نقاط الوصول وعدد معين من ماكينات ATM، وبرغم هذا تحظى بطاقاتها بالقبول لدى العديد من شركات بيع التجزئة والمؤسسات الحكومية.
وترى الوكالة أن «ميزة» تقدم أولى الخطوات صوب زيادة الشمول المالى بشكل عام بفضل جهود البنك المركزى صوب إنشاء برمجيات التأمين التى مكّنت شركات التكنولوجيا المالية المؤهلة والمستثمرين والمستشارين من اختبار منتجاتهم وخدماتهم فى بيئة تشغيل حية بداية من يوليو2019.
وتم إطلاق حلول مثل «خطة اعرف عميلك الإلكتروني» التى تسمح للمشتركين بالعمل مع البنك المركزى والمؤسسات المالية الأخرى والحكومة لتطوير وتحسين استرشادات الممارسة المثالية وإنشاء نماذج أعمال جديدة تحظى باهتمام المستخدمين من الزبائن والشركات وتخلق إطارًا رقابيًّا قويًّا وشفافًا.
وأوضحت «فيتش سوليوشنز» أن هذه البرمجيات ستتيح اختبار التكنولوجيات الجديدة المبتكرة مثل النظام السحابى لمعالجة المدفوعات وماكينات التعلم وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعى، وذلك بدعم من وكالة تنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) بجانب غيرها من المؤسسات.
أكدت كذلك سعى مؤسسات دولية للمشاركة فى قطاع التكنولوجيا المالية المحلى والذى ما زال يقوده رواد الأعمال المحليون، لافتة إلى قيام مؤسسة ماستركارد العالمية باستثمار نحو 1.5 مليار جنيه (93 مليون دولار) خلال الفترة من 2014 إلى 2019، كما تسعى لاستثمار نحو 500 مليون جنيه أخرى عام 2020.
ودعمت ماستركارد نظام المدفوعات الإلكترونية الحكومية التى تخدم ما يزيد على 5 ملايين موظف وساعدت الشركات الصغيرة والمتوسطة على إنشاء أماكن عمل افتراضية، وتستهدف كذلك قطاعات وصناعات معينة عبر طرح حلول قابلة للتعديل لتلائم الاستخدام الشخصي مثل كارت مدفوعات لخدمة العاملين فى القطاع الزراعى.
كما طوّرت تطبيقات النقل الذكى مثل أوبر وكريم منصات المدفوعات الرقمية الخاصة بهما بعد اندماج الشركتين مطلع عام 2019.
وأشارت فيتش سوليوشنز إلى قيام البنك الدولى فى أبريل 2019 بتخصيص تمويل يصل إلى 200 مليون دولار لصالح قطاع التكنولوجيا المالية المصرى؛ بهدف تحسين الشمول المالى وخلق فرص العمل أمام الشباب.
كما سيخصص البنك مبلغ 145 مليون دولار لتنفيذ مشروع يعمل تحت اسم «تحفيز ريادة الأعمال لخلق فرص العمل»، ويقتضى تقديم قروض للشركات الصغيرة خصوصا تلك التى يعمل فيها الشباب والنساء والمتحصلون على القروض للمرة الأولى، وستتولى تقديم القروض مؤسسات مالية غير مصرفية.
ومن المقرر تخصيص مبلغ إضافى بقيمة 50 مليون دولار لصالح صناديق رأسمال المخاطر وشركات الاستثمار والمستثمرين فى الشركات الناشئة.
وأشارت فيتش إلى أهمية التركيز على المستخدمين الشباب، حيث ترجح التقديرات أن نحو 21 مليونًا من بين مستخدمى الإنترنت البالغ عددهم 49 مليون شخص فى مصر وصلت أعمارهم إلى 18 عاما أو أقل فى مطلع عام 2019.
وأوضحت أن شركات التكنولوجيا المالية الناشئة التى تستهدف مصر ستضمن الحصول على القروض لأن البنك الدولى حريص على زيادة تلك الشركات القادرة على توفير فرص العمل.