تقرير: مدينة «عيد الميلاد» الصينية تعانى من تداعيات الحرب التجارية بين بكين وواشنطن

ضربة مؤلمة من الرسوم الجمركية

تقرير: مدينة «عيد الميلاد» الصينية تعانى من تداعيات الحرب التجارية بين بكين وواشنطن
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

3:10 م, السبت, 19 أبريل 25

في قلب مقاطعة تشجيانغ شرق الصين، تقع مدينة ييوو، المعروفة بلقب “مدينة عيد الميلاد”، وهي مصدر نحو 90% من زينة الكريسماس التي تزين منازل الأمريكيين سنويا غير أن هذه المدينة التي لطالما شكلت نبضا حيويا في التجارة العالمية تعاني اليوم من اضطرابات غير مسبوقة نتيجة الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفقا لتقرير وكالة “سي إن إن”.

ففي أكبر سوق جملة في العالم – سوق ييوو، الذي يمتد على مساحة تقارب ألف فدان – يعرض البائعون كل شيء من دمى بابا نويل الموسيقية إلى أشجار الكريسماس الاصطناعية، إلى جانب منتجات متنوعة موجهة للسوق الأمريكية مثل قبعات “اجعل أمريكا عظيمة مجددا” وكراسي التخييم القابلة للطي. إلا أن أروقة هذا السوق، رغم نشاطها الظاهري، أصبحت تعج بالقلق وعدم اليقين.

ضربة مؤلمة من الرسوم الجمركية

وتجاوزت الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على الواردات الصينية حاجز الـ145%، في أعلى معدل عقابي تفرضه الولايات المتحدة منذ قرن تقريبا، مما ألقى بظلاله القاتمة على شركات التصدير الصينية، لا سيما تلك العاملة في “ييوو”.

ران هونغيان، البالغة من العمر 43 عاما، والتي تعمل في بيع زينة الكريسماس منذ 15 عاما، تكبدت خسائر فادحة هذا العام بعدما ألغى 80% من عملائها الأمريكيين تعاقداتهم، مما أدى إلى خسارة تقدر بـ135 ألف دولار. “بعضهم كانوا شركاء لعشر سنوات، وقاموا بزيارة مصنعي شخصيا لكنهم اضطروا للتوقف بسبب الرسوم”، تقول ران، بنبرة يغلب عليها الحزن.

التحول نحو أسواق جديدة

تواجه ييوو – رغم صغر حجمها نسبيا مقارنة بالمدن الصينية الكبرى – تحديات اقتصادية كبيرة. إذ بلغت قيمة صادراتها العام الماضي نحو 81 مليار دولار، منها أكثر من 11.5 مليار نحو الولايات المتحدة. ومع تزايد حدة التوتر التجاري، بدأ العديد من التجار في تحويل وجهتهم نحو أسواق بديلة، مثل الاتحاد الأوروبي والأسواق المحلية، في محاولة لتعويض خسارة الزبائن الأمريكيين.

نيي زيقين، التي تعمل في بيع زينة الهالوين، فقدت نصف عملائها الأمريكيين بعد فرض الرسوم، لكنها سرعان ما حولت وجهتها نحو أوروبا والتجارة الإلكترونية. وتقول: “بدأنا العام الماضي في تصميم منتجات تلائم السوق المحلية الصيني”.

الاقتصاد العالمي في مفترق طرق

ورغم تأكيد ترامب أن الهدف من الرسوم هو إعادة الوظائف الصناعية إلى الداخل الأمريكي، يشكك الخبراء في إمكانية تصنيع منتجات منخفضة الكلفة، مثل زينة الكريسماس، داخل الولايات المتحدة دون رفع الأسعار بشكل كبير على المستهلك الأمريكي.

ولا يبدو أن الدول الأخرى، مثل كمبوديا – ثاني أكبر مصدّر لزينة الكريسماس إلى أمريكا – ستكون بديلاً كافياً، خاصة بعد فرض ترامب رسوماً نسبتها 49% على وارداتها أيضاً.

الأثر النفسي والاجتماعي للحرب التجارية تجاوز مجرد الأرقام. تقول لي شينياو، التي تعمل في تجارة الزهور الاصطناعية في ييوو: “حتى وإن كنا نعتقد أن الصين ستتعافى، فإن أمريكا تبقى الدولة الأقوى والأغنى. وكلما بدأت أمريكا حربا تجارية، يشعر الجميع بالقلق”.

وأضافت: “إذا لم نكن نعيش حياة سعيدة، فمن سيهتم بشراء الزينة؟”.

حتى أولئك الذين لا يتعاملون مباشرة مع السوق الأمريكية باتوا يتخوفون من تداعيات الأزمة على الاقتصاد العالمي بأسره. وتعيش العديد من الأسر في ييوو حالة ترقب وخوف، حيث بات المستقبل ضبابيا في ظل استمرار النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.

رغم ذلك، لا يزال الأمل قائما في نفوس العديد من التجار. فهم يأملون في أن يتمكن قادة الصين والولايات المتحدة من إيجاد تسوية تنهي هذا التصعيد الذي بات يهدد أعمالهم ومصدر رزقهم.

لكن بالنسبة للبعض، فإن الضرر قد وقع بالفعل.

وتختم “ران” حديثها قائلة: “حتى في مشترياتنا اليومية، أصبحنا نفكر: هل هذا المنتج أمريكي؟ وإن كان كذلك، فأنا شخصياً لن أشتريه”.