"حروب التكنولوجيا".. تايوان وكوريا الجنوبية تتحركان لحماية أشباه الموصلات من تعريفات "ترامب" الجمركية

تايوان تحاكي السيناريو الأسوأ وتسعى لحوار مع واشنطن

"حروب التكنولوجيا".. تايوان وكوريا الجنوبية تتحركان لحماية أشباه الموصلات من تعريفات "ترامب" الجمركية
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

5:51 م, الثلاثاء, 15 أبريل 25

أعلنت تايوان وكوريا الجنوبية عن خطوات استراتيجية لمواجهة تداعيات محتملة للرسوم الجمركية التي تعتزم الولايات المتحدة فرضها على واردات أشباه الموصلات ضمن الوقاية مما يسمى ب “الحرب التجارية” التي أطلق شرارتها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد أيام من دخوله البيت الأبيض، في خطوة تعكس تنامي القلق لدى القوى الآسيوية المصدّرة من السياسات الحمائية الأميركية المتزايدة، وفقا لتقارير مختلفة نشرتها وكالة رويترز..

تايوان تحاكي السيناريو الأسوأ وتسعى لحوار مع واشنطن

قال وزير الاقتصاد التايواني، كو جيه-هوي، إن بلاده ستجري محاكاة لقياس تأثير أي رسوم جمركية أميركية محتملة على قطاع أشباه الموصلات، وستسعى لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة لضمان “منافسة عادلة” للشركات التايوانية.

تأتي هذه التصريحات في وقت تدرس فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على واردات الرقائق الدقيقة والأدوية، بزعم أن الاعتماد المفرط على الإنتاج الأجنبي في هذه القطاعات يشكل تهديدًا للأمن القومي الأميركي.

وقال كو للصحفيين خارج البرلمان: “سنجري بطبيعة الحال محاكاة لتقدير حجم هذه الرسوم”، مؤكدًا أن المحادثات مع الجانب الأميركي ستكون ضرورية لتقليل أي تأثير سلبي. وأوضح أن قطاع أشباه الموصلات التايواني والأميركي “متكاملان ومتكاملان في سلاسل القيمة العالمية”، مضيفًا أن مستوى الرسوم الجمركية سيكون “نتاجاً للمفاوضات”.

وتُعد تايوان موطنًا لشركة TSMC، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم، والتي تزود شركات تقنية أميركية كبرى مثل آبل ونيفيديا. وفي أحدث مؤشر على التعاون المتنامي، أعلنت نيفيديا عن خطط لبناء خوادم ذكاء اصطناعي في الولايات المتحدة بقيمة تصل إلى 500 مليار دولار على مدى أربع سنوات، بالتعاون مع TSMC، فيما تعهدت آبل باستثمارات مماثلة. وكانت TSMC قد كشفت الشهر الماضي عن استثمار بقيمة 100 مليار دولار في منشآت إنتاج جديدة داخل الأراضي الأميركية.

كوريا الجنوبية ترفع حجم الدعم إلى 23 مليار دولار


في سياق متصل، كشفت الحكومة الكورية الجنوبية، الثلاثاء الماضي عن زيادة حزمة الدعم المقدمة لقطاع أشباه الموصلات إلى 33 تريليون وون (ما يعادل 23.25 مليار دولار)، بزيادة تقارب 25% عن الحزمة السابقة التي أُعلنت العام الماضي.

وقالت الحكومة في بيان مشترك لعدة وزارات، بينها وزارة التجارة، إن هذه الإجراءات تأتي استجابة للمطالب المتزايدة بدعم القطاع الحيوي في ظل الضبابية السياسية في الولايات المتحدة وتصاعد المنافسة من قبل الشركات الصينية.

وتتضمن الحزمة تعزيز برنامج التمويل المخصص للصناعة إلى 20 تريليون وون، ارتفاعًا من 17 تريليون سابقًا، لتخفيف الأعباء المالية التي تواجهها الشركات الكورية في المنافسة العالمية.

تحتل كوريا الجنوبية موقعًا رياديًا عالميًا في مجال رقائق الذاكرة، عبر عملاقيها سامسونغ إلكترونيكس وإس كي هاينيكس، لكن البلاد تسعى للحاق بركب منافسيها في مجالات تصميم الرقائق وتصنيعها حسب الطلب.

وبحسب بيانات حكومية، بلغت صادرات كوريا الجنوبية من أشباه الموصلات في عام 2024 نحو 141.9 مليار دولار، تمثل 21% من إجمالي صادرات البلاد، منها 46.6 مليار إلى الصين و10.7 مليار إلى الولايات المتحدة.

واشنطن تلوّح بمرونة محدودة
في تصريحات له الأحد الماضي، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قرب الإعلان عن معدل الرسوم الجمركية الجديدة على واردات أشباه الموصلات، مع إشارته إلى إمكانية تقديم “مرونة” لبعض الشركات في القطاع.

وعقب هذه التصريحات، أعلن وزير المالية الكوري الجنوبي تشوي سانغ-موك عن نية بلاده إجراء مشاورات نشطة مع واشنطن لتقليل أي أثر سلبي على الشركات الكورية، لا سيما في إطار التحقيقات الأميركية بموجب المادة 232 الخاصة بالأمن القومي، والتي تشمل أيضًا واردات الأدوية البيولوجية.

وكانت كوريا الجنوبية قد أعلنت الأسبوع الماضي حزمة دعم طارئة لقطاع السيارات، تشمل إعفاءات ضريبية ودعماً ماليًا وتوسيع الأسواق التصديرية، في مسعى لحماية الصناعة من تداعيات الرسوم الأميركية الجديدة، بعد سنوات من ارتفاع صادراتها إلى الولايات المتحدة.

نحو مرحلة جديدة من “حروب التكنولوجيا”
تعكس هذه التحركات من جانب تايوان وكوريا الجنوبية مدى حساسية قطاع أشباه الموصلات، ليس فقط كعامل اقتصادي، بل كأداة استراتيجية ضمن صراع النفوذ العالمي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، حيث تسعى الدول لحماية مصالحها في مواجهة التقلبات السياسية والاقتصادية المتسارعة.