خالد حنفي: يتعين على الدول الاستثمار في التعليم النوعي والتدريب لمواكبة احتياجات السوق

خلال المؤتمر العلمي الثامن عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية في المغرب

خالد حنفي: يتعين على الدول الاستثمار في التعليم النوعي والتدريب لمواكبة احتياجات السوق
محمد مجدي

محمد مجدي

5:52 م, السبت, 30 نوفمبر 24

أكد الدكتور خالد حنفي، امين عام اتحاد الغرف العربية، أن التنويع الاقتصادي أصبح هدفًا إستراتيجيًّا مُلحًّا للدول العربية، نظرًا للتحديات المتزايدة التي تواجه اقتصاداتها المعتمدة بشكل كبير على قطاعات محدودة، وعلى رأسها النفط والموارد الطبيعية.

وأضاف حنفي، خلال مشاركته في أعمال المؤتمر العلمي الثامن عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، تحت عنوان “مستقبل الاقتصادات العربية: المربكات المفروضة والإصلاحات المنشودة”، والذي عُقد في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد – جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، الرباط – المملكة المغربية، خلال الفترة 28 – 29 نوفمبر 2024، أن التغيرات في الأسواق العالمية وتقلبات أسعار الطاقة، إلى جانب تسارع التطورات التكنولوجية، تفرض على دول المنطقة إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية وتبنّي إستراتيجيات طويلة الأمد تهدف إلى بناء اقتصادات متنوعة ومستدامة، قادرة على الصمود أمام الأزمات وتلبية تطلعات الأجيال الحالية والمستقبلية.

وشدد على أن تحقيق التنويع الاقتصادي يتطلب منظومة متكاملة من السياسات تتناول التنمية البشرية، والتكامل المالي، والتحول الطاقي بشكل مترابط، حيث لا يمكن تحقيق نتائج مستدامة في مجال دون تكامل مع الآخر.

ونوه الأمين العام بأن التنمية البشرية تُعد من أهم مقومات التنويع الاقتصادي، حيث يمثل رأس المال البشري العنصر الحاسم في دعم الابتكار ورفع الإنتاجية وتطوير القطاعات الاقتصادية الجديدة.

ولتحقيق ذلك، يتعين على الدول الاستثمار في التعليم النوعي والتدريب المهني الذي يواكب احتياجات السوق ويؤهل القوى العاملة للتعامل مع تطورات الاقتصاد العالمي.

وتابع: فالكوادر المدرّبة تمتلك القدرة على قيادة المشاريع الجديدة في مجالات متعددة، مثل التكنولوجيا والبحث العلمي وريادة الأعمال، مما يعزز دور الموارد البشرية كأحد المحركات الأساسية للتنويع الاقتصادي.

وأوضح أن القطاع المالي يمثل وسيلة حيوية لدفع عجلة التنويع الاقتصادي من خلال توفير التمويل اللازم للمشاريع التنموية والابتكارية.

ومن هذا المنطلق فإن تطوير الأسواق المالية وتوفير بيئة استثمارية مستقرة يسهمان في تعزيز قدرة القطاع الخاص على النمو والاستثمار في القطاعات غير التقليدية.

وقال إن التكامل المالي، من خلال التعاون بين البنوك، أسواق المال، وصناديق التمويل، يعزز استقرار النظام الاقتصادي ويخلق فرصًا تمويلية أوسع للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تلعب دورًا مهمًّا في تنمية الاقتصادات المحلية وتوسيع قاعدة التنويع.

ورأى أن التحول في مجال الطاقة يشكل محورًا إستراتيجيًّا في تحقيق التنويع الاقتصادي واستدامته، حيث تسعى الدول العربية إلى تقليل اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية وتوجيه استثماراتها نحو الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ويُعدّ هذا التحول فرصة واعدة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتخفيض البصمة الكربونية في المنطقة، مما يعزز قدرة الدول على جذب الاستثمارات الأجنبية والشركات متعددة الجنسيات المهتمة بالاستدامة البيئية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتحول الطاقي أن يسهم في خفض التكاليف التشغيلية وتوفير فرص عمل جديدة في قطاعات الطاقة النظيفة.

ولفت إلى أهمية التكامل بين التنمية البشرية، والتكامل المالي، والتحول الطاقي كعناصر مترابطة تدعم بعضها البعض لتحقيق رؤية شاملة للتنويع الاقتصادي.

فاستثمار الدول في رأس المال البشري يخلق قوى عاملة مؤهلة تقود عمليات الابتكار وتطوير المشاريع في مجال الطاقة المتجددة، والتي تحتاج بدورها إلى أسواق مالية مرنة ومستقرة توفر التمويل اللازم للمشاريع الكبيرة والصغيرة على حد سواء.

وأوضح أنه في هذا السياق، تسعى هذه الجلسة إلى مناقشة الأبعاد المختلفة للتنويع الاقتصادي من خلال دراسات ونماذج واقعية، وتقديم توصيات حول السياسات والتدابير العملية التي يمكن للدول العربية تبنيها لتعزيز مسيرتها نحو اقتصاد أكثر تنوعًا ومرونة.

حيث تشير النتائج إلى أن التنمية المالية تدعم التنويع الاقتصادي ولكن بشكل غير خطي، حيث تبدأ الفوائد الكبيرة الظهور بعد تجاوز مستويات معينة من النضج المالي.

كما يُعزز الإنفاق الحكومي التأثير الإيجابي للتنمية المالية. وخلصت الدراسة إلى أن الإصلاحات المالية يجب أن تكون مستدامة وموجهة، خصوصاً في الدول ذات الأنظمة المالية الأقل تطورًا، لتعزيز التنويع على المدى الطويل.

ودعا إلى وجوب تقليل الاعتماد على النفط وبناء اقتصادات أكثر مرونة من خلال إستراتيجيات تتضمن تحسين البنية التحتية المالية، وتشجيع الابتكار، وتوسيع الوصول إلى الخدمات المالية، مما يدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاعات غير النفطية.

ونوه بوجوب تحسين الوصول إلى الطاقة النظيفة، وتحفيز الأسر على الانتقال من الوقود التقليدي إلى الطاقة النظيفة، فضلًا عن تعزيز الخدمات الصحية المتكاملة، وتعزيز الاستعداد لمواجهة الكوارث، إلى جانب التعاون الإقليمي وطلب الدعم الدولي.

وأكد أن في الإصلاح التعليمي ضرورة تبني طرق تعليمية حديثة تعزز التفكير النقدي وتواكب احتياجات الاقتصاد المتنوع. كما أن تعزيز الحوكمة يسهم في تحسين مؤشرات الحوكمة والحد من الفساد،

حيث ثبت أن الحوكمة الجيدة تزيد من فرص نجاح التنويع، في حين أن اعتماد سياسات تشجع على تنمية القطاعات غير النفطية مثل التكنولوجيا والسياحة والصناعات التحويلية، يؤدي إلى ضمان استدامة النمو الاقتصادي.

شارك في المؤتمر شخصيات اقتصادية ورسمية بارزة وفي مقدمهم المدير التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد كريم العيناوي، الوزير المغربي المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية محمود محيي الدين، مدير عام المعهد العربي للتخطيط عبد الله فهد الشامي، الأمين العام للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، والمنسق العام للمؤتمر الدكتور أشرف العربي، الدكتورة جيهان صالح مستشارة رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتورة سارة الجزار المستشارة الاقتصادية في اتحاد الغرف العربية، الدكتور جود عبد الخالق وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق في جمهورية مصر العربية، الدكتورة نجلاء الأهواني وزير التعاون الدولي الأسبق في جمهورية مصر العربية.