فال صندوق النقد الدولي، إنه في العقد الذي مر منذ وقوع الأزمة المالية العالمية، دخلت بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صراع مع قضايا ارتفاع العجز والديون.
صندوق النقد: هناك تحديات المالية العامة تواجه عددا من بلدان المنطقة
أضاف صندوق النقد الدولي، في مقال أن ذلك تم مع تَحَوُّل أرصدة المالية العامة الكلية في المنطقة من فائض قدره حوالي 10% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2008 إلى أرصدة سالبة بشكل متواصل في السنوات الأخيرة.
وتابع أن عدة عوامل ساهمت في هذه النتيجة المحفوفة بالمخاطر، بما في ذلك النمو المنخفض، وصدمات أسعار النفط، وتصاعُد احتياجات الإنفاق.
ويشمل ذلك البلدان التي شهدت انتفاضات في المنطقة العربية، وفق بيان صندوق النقد.
وقالت إن هناك تحديات المالية العامة تواجه عددا من بلدان المنطقة نشأت أيضا في ظل مؤسسات المالية العامة القاصرة وغير الفعالة.
ويبحث آخر عدد من تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي ماهية الصلة بين هذه المؤسسات ونتائج المالية العامة.
تحسين شفافية ومساءلة المؤسسات
وفي هذا الصدد، قال الدكتور جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ، أنه من خلال تحسين شفافية ومساءلة مؤسسات المالية العامة، يمكن لبلدان المنطقة أن تساعد في الحد من مواطن الضعف في المالية العامة، وتشجيع السياسات المستدامة، وتعزيز كفاءة الإنفاق العام، وتقوية اقتصاداتها بوجه عام.
ما تقييم مؤسسات المالية العامة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى؟
وأضاف أزعور أنه تساعد مؤسسات المالية العامة، حين يتم إنشاؤها وتنفيذها بكفاءة، على تعزيز الانضباط المالي، وبناء الصلابة في مواجهة الصدمات، والحد من تقلب الإنفاق.
وأشار إلى تحقيق تحسن كبير في سلامة المالية العامة – وكلها أمور تؤدي مع الوقت إلى تقليص مواطن الضعف الاقتصادي في البلدان المعنية.
وقال: “توجد عدة مقاييس لتقييم فعالية مؤسسات المالية العامة، مثل كم المعلومات الذي يتاح للإطلاع العام بشأن الميزانية وما إذا كان لدى الحكومات آليات قائمة لوضع وتنفيذ أهداف الميزانية متوسطة الأجل”.
النقاط المضيئة بالمنطقة
وفي هذا السياق، توجد بعض النقاط المضيئة في المنطقة، وفق المقال.
فعلى سبيل المثال، أحرزت البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان (MENAP) وبلدان القوقاز وآسيا الوسطى (CCA) تقدما ملحوظا في تحسين شفافية الميزانية خلال السنوات الأخيرة، وإن كانت درجاتها الكلية لا تزال منخفضة نسبيا.
غير أن بلدان المنطقتين ليست في مستوى مواتٍ مقارنةً بنظرائها، وذلك لعدد من العوامل.
وتشير بيانات صندوق النقد ، أن شفافية الميزانية في البلدان المصدرة للنفط في منطقة MENAP أقل بكثير مما هو الحال في البلدان الأخرى المصدرة للنفط.
ونوهت إلى أن الجزائر والعراق وقطر لم تسجل أي تحسن بين عامي 2012 و 2017.
بينما البلدان الأخرى المصدرة للنفط – مع استبعاد فنزويلا – حققت تحسنا بنسبة 5% في المتوسط.
غير أن هناك بعض الحالات المشجعة: فالمملكة العربية السعودية بذلت جهودا كبيرة لتحسين الشفافية منذ عام 2017، بما في ذلك عن طريق نشر بيانات أشمل عن الميزانية وكشوف مالية مدققة.
القوقاز وآسيا الوسطى تحتل مراتب ضعيفة فيما يتعلق بالمشتريات العامة
وأضافت بيانات صندوق النقد أن كثير من بلدان المنطقة، وخاصة في القوقاز وآسيا الوسطى، تحتل مراتب ضعيفة فيما يتعلق بالمشتريات العامة.
وتابعت أن أكثر من نصف البلدان المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان ليس لديها آلية لتحديد أهداف المالية العامة مصحوبة باستراتيجيات لتحقيقها على مدار فترة متعددة السنوات.
وخلص أزعور من تحليل الصندوق إلى نتيجة واضحة هي أن بلدان منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي أمامها مجال كبير للتحسن في تعزيز مؤسسات المالية العامة.
وذكر أنه من شأن تقوية مؤسسات المالية العامة أن تُمَكِّن البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط MENAP من وقاية اقتصاداتها إزاء تقلب أسعار النفط العالمية
كما ستساعد تلك التقوية البلدان المستوردة للنفط في جهودها لخفض مستويات الدين العامً
وقال: “يجب أن تضع بلدان القوقاز وآسيا الوسطى في وضع أفضل يتيح لها الحد من مواطن التعرض للصدمات في المستقبل”.
إمكانية انخفاض معدل تراكم الدين العام عن المستويات الحالية
وتشير التقديرات إلى إمكانية انخفاض معدل تراكم الدين العام عن المستويات الحالية بأكثر من 4% من إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط إذا اعتمدت البلدان أفضل الممارسات فيما يتعلق بعدة خصائص أساسية تتسم بها مؤسسات المالية العامة الفعالة.
تساءل أزعور، عّن كيفية القيام بذلك؟، مجيبا أنه ينبغي للبلدان الحاصلة على درجات منخفضة على مقياس الشفافية أن تتخذ إجراءات لجعل عمليات الميزانية مفتوحة وتوفير مزيد من البيانات عن التوقعات والمخاطر.
قال إن تونس وأوزبكستان، قطعتا بمساعدة فنية من الصندوق، وهي خطوات مهمة على هذا المسار بتطبيق نظام لتقييم شفافية المالية العامة – وهو جهد يمكن أن يكون نموذجا لبلدان أخرى تنظر في إجراء إصلاحات.
وتابع : يمكن أن يؤدي وضع أهداف واستراتيجيات متوسطة الأجل للميزانية إلى تعزيز الانضباط المالي والمساعدة على تخفيض وتيرة تراكم الديون.
ويتطلب الأمر أيضا تقوية نظم الإدارة المالية العامة وإجراءات المشتريات.
وتقدم الكويت نموذجا مشجعا في هذا الصدد بقانونها الجديد الذي يستهدف تشجيع المنافسة والشفافية في مجال المشتريات.
وسيؤدي تنفيذه بالكامل إلى استحداث مناهج حديثة لتقييم المناقصات وتشجيع زيادة المشاركة من جانب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وفق أزعور.
أزعور: لا يوجد منهج واحد يناسب كل البلدان
ولا يوجد منهج واحد يناسب كل البلدان وهي تنظر في سبل تعزيز مؤسسات المالية العامة ومعالجة التحديات التي تواجه المالية العامة، بحسب أزعور الذي أكد أن هذه القضية تنطوي على جوانب أخرى مهمة لا ينبغي للحكومات إغفالها.
ويقول أزعور: “غير أن صناع السياسات، إذا أدركوا أن جودة مؤسسات المالية العامة ترتبط ارتباطا وثيقا بنجاح أو فشل سياسة المالية العامة، يمكن أن يقطعوا خطوات واسعة مهمة في جهودهم المبذولة لجعل بلدانهم أكثر صلابة ورخاء في السنوات القادمة.”