تتلاحق الصدمات – لنحو قرن إلا قليلاً – على جماعة «الإخوان المسلمين»، من جراء تفاوت سرعاتها العشوائية ما بين العمل الدعوى.. والشبق للاحتراف السياسى، فلا هى تتدبر توظيف الدعوة الإسلامية لفلسفاتها الإنسانية، فيما تهرول لارتكاب جرائم الاغتيال السياسى.. سبيلًا للوثوب على السلطة الدنيوية، ولتنزلق من ثم من فوق سطح القشرة الدينية.. إلى مهاوى الغباء السياسي، بسيان، ذلك فى ظل عجز قياداتها عن تصدير اليقين الدينى أو الدهاء السياسى لجماهير الجماعة المقدرة بمئات الآلاف، حيث يتكرر إلغاء «التنظيم» ومطاردة أعضائه.. منذ نهاية الأربعينيات وفى منتصف الخمسينيات إلى منتصف ستينيات القرن الماضى قبل تمكنه مطلع العشرية الثانية من القرن الحالى.. من اختطاف زخم السخط الجماهيرى على ارتجالية النظام الحاكم آنئذ.. لصالح الجماعة، التى لم تتعظ بما تلقته خلال العقود السابقة من عثرات وانكسارات، لتهدر من ثم فى العام 2012 – ولعام تالٍ – أول فرصة حقيقية لها فى حكم البلاد، من المرجح أن تكون الأخيرة، عبر سلسلة مختلطة من الأخطاء الدعوية والسياسية والقانونية والدستورية، ما دفع المصريين للخروج إلى الشارع Role Street لإسقاط الجماعة فى يوليو 2013، ولتعود الجماعة إلى صفوف المعارضة -على بدء – لارتكاب نفس أخطاء الخفة السياسية القديمة – الجديدة، أضافت إليها – فى العلن – انصياعها لتدخلات خارجية مضادة للوطن، مشوبة بشن أعمال إرهابية دموية على مؤسسات الدولة.. وأبرياء المواطنين، فلا هى وصلت – كما يقال – لمرحلة المجاهدين.. ولا هى أدركت حكمة العارفين، ولا رشد السياسيين.
إلى ذلك يجيد الإخوان تجريب الانتشار ما بين العشوائيات من ناحية، إلى تشويه الحقائق عبر معالجات خاطئة من ناحية أخرى، سواء بتشجيع شرائح من «البروليتاريا» الرثة أو العشوائيين الجدد والقدامى على التظاهر، أو عبر صرخات التلوث الإعلامى من فضائياتهم ومواقعهم، أو باعتبار النكرات من شباب المقاولين (..) أو البرجوازيين المحدثين، كرموز (ثورية) تدعو الجماهير للخروج إلى الشوارع ضد الحكومة.. بلا جدوى.. مما يصيب قيادات الجماعة بالصدمة المرة تلو الأخرى، إلى آخر تلك المستهجنات غير الرشيدة، خاصة حين تتلقى الجماعة ضربة أمنية تطيش بصوابها للمقبوض عليهم من القيادات، تمثلت أغسطس الماضى فى الإمساك بـ(محمود عزت مثالاً) باعتباره رجل «التنظيم» الأول للتعبئة العقائدية والحركية والمالية إلى تجميعه اللجان العسكرية، ناهيك عن كونه همزة الوصل مع شبكة المتعاونين مع الجماعة، سواء من داخل أجهزة الدولة أو فى المجالات الأخرى (حتى الرياضية مثالًا)، ما يقطع الطريق أيضًا على أعوان الجماعة بالخارج، وعن توفير قنوات وشخصيات بديلة (إبراهيم منير مثالاً) كأول مرشد (برجماتى) ينصّبه الإخوان من الخارج- عاصمة دولة رعاية التنظيم فى بريطانيا، ليدير التنظيم من ثم لصالح كل من ينسق مع الجماعة، ورعاتها الخارجيين سواء من لندن – قطر – تركيا – خلايا الإخوان فى الخليج، وفى بلدان المهجر الأوروبية (يوسف ندا مثالاً) إلى ماليزيا وليبيا.. إلخ، ذلك فيما تتساقط تباعاً الذئاب المنفردة فى الداخل – الواحد تلو الآخر – ومن بين قيادات الجماعة العاجزة – عبر قرن إلا قليلاً – عن الارتقاء إلى المقام الرفيع للدعاة أو لدهاء وحكمة السياسيين.