عقود التشغيل مع الكيانات العالمية تفرض ابتكار أنماط جديدة لإدارة محطات الحاويات

فى ظل توجه الحكومة نحو جذب استثمارات أجنبية

عقود التشغيل مع الكيانات العالمية تفرض ابتكار أنماط جديدة لإدارة محطات الحاويات
السيد فؤاد

السيد فؤاد

8:36 ص, الأربعاء, 28 سبتمبر 22

شهدت الفترة الأخيرة دخول عدد من الشركات العالمية محطات الحاويات المنشأة بالموانئ المصرية، وكان غالبية المشغلين من خطوط ملاحية تتعامل بشكل منتظم مع  موانئ شرق بورسعيد ودمياط والإسكندرية والسخنة.

«المال» استطلعت رأى السوق الملاحية وخبراء النقل البحرى بشأن توجه الحكومة نحو جذب مشغلين أجانب لإدارة المحطات الجديدة، ومدى استفادة السوق التجارية المصرية من ناحية، والموانئ المصرية من ناحية أخرى بعد زيادة عدد المشغلين الأجانب.

إبراهيم يوسف: زيادة حجم التداول مقياس النجاح أو الفشل .. والأهم تنويع أساليب الاتفاقيات

فى البداية، أشار اللواء إبراهيم يوسف رئيس هيئة ميناء الإسكندرية السابق، ومستشار وزير النقل لشئون النقل البحرى الأسبق، إلى أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة دخول الخطوط الملاحية بمحطات الحاويات المصرية التى يتم إنشاؤها، موضحا أن هذا الإجراء يعد مفيدا حال قيام تلك الخطوط بزيادة نسبة معدلات التشغيل، خاصة فى نشاط الترانزيت، لاسيما وأن حصة مصر متواضعة فى هذا النشاط، رغم موقعها فى منطقة شرق البحر المتوسط  التى تعد من أهم المواقع التجارية العالمية.

وأضاف أن نشاط الترانزيت، بضاعة لا تدخل إلى السوق المحلية، لكنه يتنافس عليها أكثر من ميناء بنفس المنطقة، لافتا إلى أن  الخط  الملاحى «ميرسك» نفذ هذه التجربة فى ميناء شرق بورسعيد، واستطاع وصول معدلات التداول بالميناء إلى ما يزيد عن 3.7 مليون حاوية سنويا.

ولفت إلى أن ميناء دمياط يعد أيضا من الموانئ الهامة فى تجارة الترانزيت، إذ يمثل أكثر من %60 من معدلات التداول السنوية ، ويمكن تحقيق نفس التجربة بميناء بورسعيد، خاصة بعد التعاقد الذى تم خلال العام الجارى مع تحالف شركة «يوروجيت»، وخط «هاباج لويد» الألمانى، والذى يعد الخامس عالميا فى نشاط الحاويات.

وبالنسبة للتجارة المحلية، أوضح « يوسف» أنه من الصعب زيادة تلك المعدلات والتى تعد ثابتة نسبيا، ومن الصعب حدوث طفرة بها إلا بزيادة الصادرات، خاصة وأن هناك هدفا بتقليل حجم الاستيراد لتخفيف الضغط على العملة الصعبة.

وأكد أن معظم التعاقدات الحالية مع تلك الخطوط سواء بالإسكندرية أو دمياط أو السخنة تمت دون ضخ المشغل الأجنبى استثمارات فى البنية التحتية، واكتفى الجانب المصرى بالحصول على مقابل التشغيل والحد الأدنى للتداول الذى يتم فرضه بالعقود، متابعا فى حالة أن كان الخط الملاحى مشاركا فى البنية الأساسية للمحطة فى الطاقة التشغيلية ستكون أكبر من كونه مشغلا  فقط للمحطة.

يذكر أن عقود التشغيل تنص على حد أدنى يتم تداوله سنويا بالمحطة، وتم دفع مقابل انتفاع لكل حاوية، على سبيل المثال 300 ألف حاوية فى محطة «تحيا مصر» بالإسكندرية التى سيقوم بتشغيلها خط «CMA  » الفرنسى، وفى حالة تحقيق معدلات أقل يتم دفع مقابل الحد الأدنى.

ولفت « يوسف» إلى أن الخط الملاحى قد يقوم بدفع مقابل الحد الأدنى للتداول فقط، فى حين أن لديه محطات أخرى يقوم بالتركيز عليها، مشيرا إلى ضرورة مراعاة تلك الأمور فى التعاقدات التى يتم إبرامها مع المشغلين الجدد لمحطات الحاويات، بحيث نضمن الطاقة التشغيلية للمحطة.

وأوضح أن الحكومة أصدرت ما يعرف بسياسة الحوكمة خلال الأسابيع الأخيرة، لضمان الشفافية فى إبرام تلك العقود، وبما يحقق المصلحة الرئيسية لمرافق الدولة من موانئ ومشروعات جديدة.

وأكد أن اتباع نظام حق الانتفاع (BOT) قبل العدول عن نظام المشاركة فى الإدارة الحالى فقط، كان الأنسب فى تلك المشروعات، خاصة أنه يضمن ضخ المشغل أو الخط الملاحى استثمارات فى المحطات الجديدة، وبالتالى اتباع سياسات تسويقية تعمل على إنجاح تلك المشروعات.

 وأشار إلى وجود منافسة كبيرة بين الخطوط الملاحية ومشغلى محطات الحاويات بالسوق المصرية خلال الفترة المقبلة، وذلك مع زيادة حجم العرض مقارنة مع حجم الطلب، إذ يتم إنشاء مشروعات بالسخنة تصل إلى 18 كيلو، ومحطة تحيا مصر الجديدة بميناء الإسكندرية، ومحطة الرصيف 100 بالدخيلة، وأخرى بميناء أبو قير، علاوة على وجود 5 كيلو أرصفة بميناء شرق بورسعيد ولم يتم تشغيلها منذ أكثر من 5 سنوات.

محمود عبدالرحمن: تكرار نفس الخدمات يضعف أداء الشركات المحلية

واتفق محمود عبدالرحمن رئيس شركة قناة السويس للملاحة، والخبير البحرى، مع سابقه، مشيرا إلى أن السوق المصرية سوف تشهد منافسة قوية بين مشغلى محطات الحاويات، خاصة أن معظمهم من الأجانب.

وأوضح أن السوق المحلية فى محطات الحاويات ظلت لفترة طويلة مقتصرة على مشغلين محليين تابعين للشركة القابضة للنقل البحرى والبرى « الإسكندرية، وبورسعيد، ودمياط» لتداول الحاويات، وثلاثة من الأجانب ممثلين فى قناة السويس للحاويات بميناء شرق بورسعيد، موانئ دبى السخنة، وهاتشيسون  الصينية بالإسكندرية.

وخلال العام الجارى تقرر دخول مشغلين جدد من خلال شركة «هاتشيسون الأم»، بميناء أبو قير، وكذلك بميناء الدخيلة عبر الرصيف 100، وخط «CMA-CMA» الفرنسى بميناء الإسكندرية، وكذلك بميناء السخنة، بالإضافة إلى خط «هاباج لويد» بميناء دمياط، وجار المفاوضات حاليا مع خط «MSC» للعمل فى ميناء السخنة.

وأكد أهمية تبلورهذا الاتجاه فى أن تكون العقود متوازنة لصالح الجانب المصرى، ومشتملة على  نصوص واضحة حول خطة التشغيل والخدمات الجديدة التى سيتم جذبها للميناء، أما فى حالة منافسة تلك الخطوط الجديدة على نفس الخدمات والتجارة الموجودة، فهذا سيضعف قدرة المحطات الحالية.

 وتابع:  «شركة بورسعيد لتداول الحاويات تواجه شبح التراجع الشديد منذ أن تم البدء فى تنفيذ مشروع شرق بورسعيد، عبر شركة قناة السويس للحاويات التابعة لخط – ميرسك العالمى – إذ أصبحت تحقق أقل من 400 ألف حاوية، فى حين أن إمكانيات المحطة تصل إلى قرابة 1.5 مليون، بسبب أعمال التطوير التى قامت بها خلال السنوات الماضية».

وأكد أن محطة ميناء دمياط وصلت طاقتها إلى ما يزيد عن 2.5 مليون حاوية، بينما يقل حجم المحقق بالفعل بشركة دمياط للحاويات عن مليون حاوية، وقامت الشركة بضخ استثمارات تزيد عن 3 مليارات جنيه، بينما الخط الرئيسى والعميل للمحطة بنسبة %50 سيقوم بتشغيل محطة جديدة بنفس الميناء بطاقة تصل إلى 3.5 مليون حاوية.

وأشارأحد رؤساء قطاع النقل البحرى السابقين إلى أن الموانئ المصرية تحقق سنويا قرابة 7.2 مليون حاوية، فى حين أن الطاقات الحالية لها تزيد عن 13 مليون حاوية، فضلا عن إنشاء محطات جديدة بطاقة تصل إلى 12 مليون حاوية بموانئ: أبو قير، والإسكندرية، والدخيلة، والسخنة، ودمياط.

وأضاف أن هناك زيادة كبيرة فى حجم المشروعات التى تتم فى نشاط الحاويات، بالرغم من انخفاض نسبة البضائع بالسوق المحلية، إذ تصل نسبة الحاويات عالميا للبضائع إلى 80 – %85 بينما فى مصر لا تزال عند %60 من حجم البضائع.

وطالب بالتركيز خلال التعاقد مع الخطوط الملاحية على العائد على رأس المال، بعدما أعلنت أكثر من هيئة ميناء مؤخرا أن الهيئة ستحصل من المشغل العالمى الجديد على 10 دولارات لكل حاوية، بعد أن كانت 5 دولارات مع أول مشغلين للحاويات أجانب بميناء السخنة مع موانئ دبى.

ولفت إلى أن التعاقد مع موانئ دبى السخنة، كان فى وقت أن ضخت الدولة استثمارات وصلت إلى 400 مليون دولار فقط، فى حين أن أقل محطة تم تأسيسها حاليا تزيد استثماراتها عن 5 مليارات جنيه، وبالتالى العائد يعد متواضعا.

وأكد أن هيئات الموانئ تؤكد على أن المشغلين الجُدد من الخطوط الملاحية سوف يكون تركيزها على الترانزيت، مشيرا إلى أنه قبل الحديث عن هذا الاتجاه لابد من النظر إلى آليات جذب تجارة الترانزيت.

وأشار إلى أن الموانئ الرئيسية التى يمكن أن تجذب الترانزيت فى مصر تتركز فى «دمياط، وشرق وغرب بورسعيد» لأنها مناطق محورية.

وقامت الحكومة المصرية بتوقيع عدد من العقود مع مشغلين عالميين خلال الفترة الأخيرة، منها تعاقد «هاتشيسون» مع محطة أبو قير بطاقة 2 مليون حاوية، ومحطة جديدة بالرصيف رقم 100 بالدخيلة بطاقة 2 مليون حاوية أيضا، علاوة على دخول الشركة التى تعد المشغل الأول فى العالم لمحطات الحاويات بمحطة جديدة بميناء السخنة.

كما تم توقيع تعاقد مع خط «CMA » الفرنسى لتشغيل محطة حاويات «تحيا مصر» بميناء الإسكندرية بطاقة 1.2 مليون حاوية، فيما تم توقيع تعاقد مع خط «هاباج لويد» الألمانى ومجموعة «يوروجيت» الأوروبية لتشغيل محطة «تحيا مصر» بميناء دمياط.