حسناً فعل السيد الرئيس عندما وضع مخططاً جديداً لإدارة منظومة التعليم الدولى فى مصر، وفعل أحسن عندما كلف الحكومة بوضع إطار قانونى جديد ينظم إنشاء فروع للجامعات الدولية فى مصر، نظام يساعد على نموها ضمن خطط الدولة المستقبلية لبناء مصر الجديدة، وهى – بكل المعايير – خطوة مهمة وناجحة تسعى الدولة من خلالها إلى تأسيس بنية تحتية تساعد على جذب منارات التعليم المتميزة فى العالم إلى بلدنا، كما تهدف إلى تحويل القاهرة إلى مركز علمى وتعليمى، يضم أفرع للجامعات الدولية ذات المستوى العلمى الرفيع.
إن حرص الدولة على وضع مستقبل التعليم الجامعى فى مصر تحت رعاية مؤسسات التعليم الدولى الكبرى، كرؤية دولة وليس قرار لمسؤل فيها، يعكس وعى حقيقى وإيمان يقينى بأن التعليم – والجامعى منه على وجه الخصوص – هو القاطرة الحقيقية لبناء مصر التى نريدها ونحلم بها، وخاصة إن هناك بنية تشريعية جديدة تم وضع قواعدها بعناية لتكون جاذبة للكيانات العلمية الدولية.
إن التشريع الجديد الذى وافق عليه مجلس النواب مؤخراً يعد محطة مهمة على طريق إعادة بناء منظومة التعليم الجامعي، وقفزة مهمة للحاق بمنظومة التعليم الدولى المتجددة والعصرية، التى تستهدف إعداد وتجهيز الشباب لمواجهة التحديات العالمية المستقبلية والمتلاحقة، سواء على الصعيد التكنولوجى أو الإقتصادى بمختلف صوره وأشكاله.
إن التشريع الجديد – الذى جاء فى 25 مادة – يحسب له إنه يعترف فى مضمون نصوصه بأهمية وجود فروع للجامعات الدولية فى مصر، كحجر أساس حقيقى وفعلى للإرتقاء بنظم التعليم الجامعى لأولادنا، وتحديدا بعد أن تلافى عيوب قانون الجامعات الخاصة والأهلية رقم 12 لسنة 2009، مثلما يحسب له إنه قد تضمن ذات المميزات التى نص عليها قانون الإستثمار فى نسخته الأخيرة، التى توفر العديد من حوافز الإستثمار، لجذب رؤوس الأموال الوطنية قبل العربية والأجنبية نحو الدخول فى هذا المجال، فى نفس الوقت الذى فرض فيه التشريع الجديد الحماية للطلاب، سواء فيما يتعلق بأليات تعليمهم أو الشهادات الممنوحة لهم، عندما ألزم الجامعات الدولية بأن تكون نظم التعليم فى فروعها بذات معايير الجودة التعليمية التى تطبقها فى مقرها، وأن يتم إصدار شهادة التخرج من الجامعة الأم ..وليس الفرع، وهو مايوفر أكبر الضمانات للتأكد من مستويات التعليم التى سيتلقاها الطلاب سواء المصريين .. أو العرب والأجانب بفروع تلك الجامعات فى مصر.
ولعلى لا أذيع سراً عندما أقول أن توجه الدولة الجديد نحو الإرتقاء بالتعليم المتميز والدولى فى مصر – الذى يواكب إجراءات الإصلاح الإقتصادى الجريئة – يدفع الأن صفوة رجال الأعمال فى مصر نحو إنشاء أفرع للجامعات الدولية، وهو مادفع الجادين من أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال – وكاتب هذه السطور من بينهم – إلى التوجه نحو الإستثمار فى هذا القطاع الحيوى والإستراتيجي، وشركة «السويدى إديوكيشن« التى أنشئناها وستبدأ فى إدارة تعليم جامعى دولى مرموق مع مطلع العام المقبل تحت إشراف وزارة التعليم العالي، هى بمثابة أكبر موثق لطموحتنا وأهدافنا، والتى كنا – ولازلنا – نبذل مساعينا لنيل شرف تمثيل أفضل المؤسسات العلمية الكبرى بالعالم فى مصر، ونقل منظومتها إلى بلادنا ليتمتع ويستفيد بها أولادنا، وخاصة بعد تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة بالعمل على ضرورة إنشاء ووضع البنية الأساسية لإنشاء جامعات خاصة تعادل الدرجات العلمية لأفضل الجامعات الدولية، على أن تحمل معايير ذات المناهج العلمية، ونفس الأليات والفلسفة التعليمية، فى إدارة الكيانات التربوية العصرية الداعمة للنهوض ببلدنا، ليس على الصعيد الصناعى فقط، بل على الصعيد الصحى والزراعى والتجارى أيضا، حتى نتمكن من بناء مجتمع تعليمى مثالي، ينتج كوادر جاهزة لتلبية المتطلبات الديناميكية، ومواكبة التحديات المتلاحقة لسوق العمل العالمي، وهو مايتفق مع منهجنا وأهدافنا فى«السويدى إديوكيشن».
إن التعاون الذى تم الإتفاق عليه مابين الحكومتين المصرية والبريطانية – على سبيل المثال لا الحصر – فى مجال التعليم العالى والبحث العلمى، أنحاز إلى وصفها بذات العبارة التى أستخدمها الوزير الدكتور خالد عبد الغفار، عندما وصفها بـ«النقلة التاريخية»، وتحديداً عندما نعلم إن هناك مايزيد على 15 جامعة دولية – من أعضاء المجلس الأعلى للجامعات البريطانية – جادة فى معرفة أليات وإجراءات إنشاء فروع ومراكز بحثية لها فى مصر.
نحن على أعتاب ثورة تعليمية حقيقية – ولابد أن تكون – حتى نرد شىء من الجميل والفضل لبلدنا، بلدنا التى لن ننجح فى بنائها بدون شباب مؤهل علميا وفنيا على قيادة هذا الوطن، وسط هذه التحولات المتسارعة فى أبجديات حركة السوق والعولمة المجنونة، التى تأخرنا كثيراً فى التكيف مع متغيراتها، ونلهث حاليا للحاق بها، من أجل وضع مصر فى المكانة التى تستحقها.