شهدت محافظ قروض القطاع العائلى بالجهاز المصرفى المصري، نموًا قويًا خلال العام الماضي، لتتفوق على نمو محافظ قروض الشركات، ما يراه محللون ومصرفيون تحدثت إليهم «المال»، أنه أمر طبيعى نتيجة التأثيرات السلبية على النشاط الاقتصادى بفعل جائحة فيروس كورونا المستجد.
«المركزى»: قروض القطاع العائلى بالجهاز المصرفى زادت بنسبة %31.4
وبحسب بيانات البنك المركزى المصري، نمت أرصدة قروض القطاع المصرفى المصري، بنسبة %31 خلال العام الماضي، لتصل إلى 2.455 تريليون جنيه فى نهاية ديسمبر 2020، مقابل 1.873 تريليون جنيه فى نهاية ديسمبر 2019.
وقفزت القروض الحكومية خلال العام الماضي، بنسبة %57 لتصل إلى 817.8 مليار جنيه، مقابل 521 مليار جنيه، كما زادت أرصدة القروض غير الحكومية إلى مستوى 1.637 تريليون جنيه، من 1.352 تريليون جنيه، وبمعدل نمو %21.14.
وطبقا للبيانات الرسمية، ارتفعت نسبة القروض الحكومية من إجمالى أرصدة قروض القطاع المصرفى خلال العام الماضي، لتصل إلى %33 فى نهاية ديسمبر 2020 من %27.8 فى ديسمبر 2019، بينما تراجعت حصة القروض غير الحكومية إلى %67 من %72.2.
وقال محللون إن تأجيل الشركات لخططها الاستثمارية وتوسعاتها فى السوق المصرية، خلال العام الماضى بفعل الوباء، ساهم فى تراجع طلباتها للاقتراض بشكل كبير، إضافة إلى حذر البنوك فى منح المؤسسات تمويلات بسبب الضبابية بشأن النشاط الاقتصادى أو التأثيرات الكبيرة التى شهدتها قطاعات تلك الشركات.
وأضافوا أن النمو الكبير فى محافظ إقراض الأفراد لدى البنوك خلال العام الماضي، جاء بدعم من عدم التأثر الكبير للأفراد بالأوضاع المرتبطة بالوباء، مقارنة مع قطاع الأعمال، واتجاه البنوك لإنعاش محافظ التجزئة المصرفية، التى تعطى هامشا أعلى للربحية، وأقل مخاطرة على جودة الأصول من تمويلات الشركات، ومبادرات البنك المركزى التى أطلقها لمواجهة تداعيات الوباء.
مسح لـ«المال» على مؤشرات 16 بنكًا خاصًا يظهر نموًا فى «التجزئة» لدى 15 منها وزيادة تمويلات المؤسسات فى 11
وأظهر مسح أجرته «المال» على القوائم المالية لنحو 16 بنكًا عاملًا فى القطاع المصرفى المصري، نمو محافظ قروض الأفراد بنسبة تتراوح بين %3 و %82 فى 15 بنك، بينما تراجعت فى بنك وحيد بنسبة %17.5.
كما أظهر المسح، تراجع محافظ قروض الشركات فى 5 بنوك بنسبة تتراوح بين %1 و %19.5 فى حين ارتفعت فى 11 بنكًا بنسبة تتراوح بين %2.5 و %29.
شهاب حلمى: أغلب الشركات أجلت خطط التوسع والاقتراض بسبب الجائحة وسعيها إلى تقليل التكاليف
وقال شهاب محمد حلمي، محلل البنوك فى بنك الاستثمار برايم، إن أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد تسببت فى اتجاه أغلب الشركات لتأجيل خططها للتوسع أو للاقتراض فى السوق المصرية، بسبب الحظر الجزئى والضبابية المرتبطة بالاقتصاد العالمي، إلى جانب سعيها إلى تقليل التكاليف؛ ما أدى بدوره إلى تراجع معدلات نمو قروض المؤسسات فى البنوك الخاصة خلال العام الماضي.
وأضاف أن تمويلات قطاع الأفراد، شهدت زيادة قوية خلال العام الماضي، بفعل اتجاه العملاء الأفراد للحصول على التمويل خلال الأزمة بداعى أن هناك فرصًا يمكن استثمارها، مثل شراء الأصول أو الذهب.
وأوضح شهاب حلمي، أنه بالنظر إلى البيانات التاريخية لمحافظ إقراض البنوك، نجد أن محافظ تجزئة الأفراد دائمًا ما يكون بها انتعاشة خلال الفترة الزمنية المرتبطة بالأزمات، وذلك على عكس قروض المؤسسات التى تتراجع.
وأشار إلى أن قروض الشركات بداية من الربع الثالث خلال العام الماضي، شهدت نموًا جيدًا مع بدء إنهاء حالة الإغلاق الجزئى فى مصر، وواصلت النمو خلال الربع الرابع من العام.
ويرى محلل قطاع البنوك فى بنك الاستثمار برايم، أن محافظ إقراض البنوك خلال العام الجاري، ستشهد انتعاشة بدعم من زيادة طلب الشركات والمؤسسات على الإقراض، بجانب رغبة البنوك فى الوصول إلى متطلبات البنك المركزى بشأن مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح أن مبادرات البنك المركزى الجديدة سواء لإحلال السيارات أو التمويل العقارى تحفز قروض قطاع الأفراد بالتوازى مع النشاط المتوقع فى قروض الشركات، فى ظل توقعات بانتعاشة اقتصادية مرتقبة.
وتابع قائلًا: «حجم التمويلات الكبيرة التى ستعمل على منحها البنوك خلال العام الجاري، ستعوض تراجع صافى الدخل من العائد لديها نتيجة خفض البنك المركزى لأسعار الفائدة %4 خلال العام الماضي».
وطبقا لأحدث بيانات صادرة من البنك المركزى المصري، نمت قروض القطاع العائلى بالجهاز المصرفى المصرى ككل بنسبة %31.4 أو بقيمة 122.4 مليار جنيه خلال 2020، لتصل إلى 512 مليار جنيه فى نهاية ديسمبر الماضي، مقابل 389.7 مليار جنيه فى نهاية ديسمبر 2019.
وحافظت قروض القطاع العائلى خلال العام الماضي، على نسبتها من إجمالى أرصدة قروض القطاع المصرفى ككل عند %21.
أبانوب مجدي: المخاوف بشأن جودة الأصول دفعت إلى التوجه نحو «التجزئة المصرفية»
ويرى أبانوب مجدي، محلل أول قطاع البنوك والمؤسسات المالية فى بنك الاستثمار بلتون فاينانشال، أن البنوك الخاصة حرصت خلال العام الماضى على زيادة قروض الأفراد عن قروض الشركات.
وأضاف أن الاتجاه لقروض التجزئة المصرفية، يرجع إلى ارتفاع هامش ربحيته مقارنة بقروض المؤسسات، خاصة أن العائد على قروض الأفراد لم يتراجع بشكل كبير مقارنة مع قروض المؤسسات، ما ساعد ذلك البنوك فى الحفاظ على هامش الربحية إلى حد ما.
وتابع قائلًا: «خلال أزمة الجائحة، كانت هناك تخوفات لدى البنوك بشأن جودة الأصول، ما دفعها لتفضيل قروض التجزئة المصرفية بهدف الحفاظ على جودة الأصول، خاصة أن النظرة المستقبلية للأفراد كانت أفضل من الشركات، فضلًا عن أن متوسط حجم قروض الأفراد أقل من متوسط حجم قروض المؤسسات، ويعنى ذلك تخفيض أعباء جودة الأصول».
وذكر أبانوب مجدى أنه يتوقع أن تكون هناك زيادة فى قروض الأفراد والمؤسسات على حد سواء خلال العام الجاري، مرجعًا ذلك إلى أن السوق يسمح بذلك مع اتجاه البنوك الخاصة للنظر إلى قروض المؤسسات بشكل كبير، فى ظل النظرة الأكثر وضوحًا بالنسبة للاقتصاد والأنشطة الاقتصادية مقارنة بالعام المنقضي؛ ما يدعم النمو القوى فى محافظ قروض الشركات.
ويرى محلل قطاع البنوك فى بنك الاستثمار بلتون فاينانشال، أن حجم محافظ قروض الأفراد ستواصل النمو القوى خلال الفترة المقبلة، بدعم من توجه البنوك للتجزئة المصرفية فى السوق المصرية، ووجود بعض المبادرات التى طرحها البنك المركزى وتشجع على ذلك.
وبالنسبة لقروض القطاعات الاقتصادية «الزراعة، الصناعة، التجارة، الخدمات» فى الجهاز المصرفى المصري، ارتفعت خلال العام الماضي، بنسبة %17.06 أو بقيمة 163.3 مليار جنيه، لتصل إلى 1.120 تريليون جنيه، مقابل 957.1 مليار جنيه فى العام السابق عليه.
ووفقا لبيانات النشرة الشهرية للبنك المركزى المصري، تراجعت نسبة قروض القطاع الاقتصادية من إجمالى أرصدة قروض القطاع المصرفى ككل، إلى %45.6 فى 2020، من %51 فى 2019.
طارق متولى: العبء الأكبر لتمويل قطاع الأعمال تحملته المصارف الحكومية خلال العام الماضى
وقال طارق متولي، الخبير المصرفى ونائب رئيس مجلس إدارة بنك بلوم السابق، إن الجائحة كان لها تأثيرات غير مواتية على طلبات الاقتراض من قبل قطاع الأعمال، بجانب إرجاء بعض الشركات لخططها الاستثمارية، ما أدى إلى تراجع نمو قروض المؤسسات، مقارنة بنمو قروض الأفراد فى البنوك الخاصة خلال العام الماضي.
وأضاف أن البنوك اتجهت إلى التجزئة المصرفية وقطاع الأفراد الذى يعتمد على الاستهلاك، ولم يشهد تأثرًا سلبيًا ملحوظًا خلال الوباء، قائلًا:لم يكن هناك شعور لدى الأفراد بوجود أزمة حقيقية، هناك خدمات والمنتجات متوفرة فى السوق المصرية، وحركة المجتمع لم تتأثر كثيرًا مقارنة بقطاع الأعمال.
ويرى طارق متولي، أن العبء الأكبر لتمويل قطاع الأعمال تحملته البنوك الحكومية خلال العام الماضي، وفى مقدمتها بنكا الأهلى ومصر، واللذان ساهما بقوة فى مبادرة البنك المركزى لتمويل مشروعات القطاع الخاص بفائدة %8 متناقصة.
وأطلق البنك المركزى المصرى فى ديسمبر 2019، مبادرة تمويل مشروعات القطاع الصناعى الخاص بفائدة %10 متناقصة، قبل أن يدخل عليها تعديلات فى مارس 2020، لتشمل أيضًا مشروعات المقاولات، والمشروعات الزراعية، مع تخفيض الفائدة إلى %8 متناقصة.
وبلغت تمويلات البنوك المصرية ضمن مبادرة تمويل المشروعات الكبرى للقطاع الخاص بفائدة %8 متناقصة نحو 184 مليار جنيه، وفقًا لما قاله طارق عامر محافظ البنك المركزى فى تصريحات له، الشهر الماضي.
محمد عبدالعال: مبادرات تأجيل أقساط القروض وإلغاء القوائم السلبية ساعدت فى عودة شريحة من العملاء الأفراد
ووصف محمد عبدالعال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس السابق، نمو قروض الأفراد بمعدلات أعلى من نمو قروض المؤسسات خلال العام الماضي، بالأمر الطبيعى فى ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، قائلًا: «تقلص النشاط الاقتصادى والتجارة الخارجية، وتأجيل الخطط الاستثمارية بعد حالة الإغلاق العالمى والجزئى كان من الطبيعى أن يتقلص حجم إقراض الشركات خارج مبادرات البنك المركزي».
وأضاف أنه بالنظر إلى بنكى الأهلى ومصر، نجد أن هناك تمويلات كبيرة منحتها البنوك الحكومية لقطاع الشركات خلال العام الماضي، تحت مظلة البنك المركزي، وذلك بخلاف بعض البنوك الخاصة التى كان لديها بعض التحفظات بسبب الوضع الوبائي.
وأشار إلى أن مبادرات البنك المركزى المصري، التى أطلقها خلال العام المنقضي، والتى تتضمن تأجيل أقساط القروض، وإلغاء القوائم السلبية، كان لها دروًا فعالًا فى نشاط قروض التجزئة المصرفية، وعودة عدد كبير للتعامل مع القطاع.
ومع بداية أزمة جائحة فيروس كورونا، أطلق البنك المركزى المصري، عددًا من المبادرات للحد من آثار الوباء، كان من بينها تأجيل جميع الاستحقاقات الائتمانية للعملاء من المؤسسات والأفراد لمدة 6 أشهر انتهت فى سبتمبر 2020، كما أطلق مبادرة لتسوية مديونيات العملاء غير المنتظمين من الأفراد تشمل إلغاء حظر التعامل عند سداد نسبة %50 من صافى رصيد المديونية، كما أطلق مبادرة أخرى للتمويل العقارى لمتوسطى الدخل بسعر عائد %8 متناقص.
وذكر محمد عبدالعال أن العام الماضي، شهد انتعاشة فى قطاع التجزئة المصرفية، فى ظل خطط بعض المصارف لاختراق القطاع، والذى كانت لا تولى له أهمية كبيرة، فضلا عن خطط التحول الرقمية فى السوق والتى شهدت انتشارًا على نطاق واسع، ما سهل من التعامل مع القطاع المصرفي.
ويرى الخبير المصرفى أن نمو محفظة القروض فى البنوك على مستوى كل الأنشطة، يتوقف على التعافى الاقتصادى العالمي، والمحلي، إلا أنه يتوقع أن تشهد محافظ قروض الأفراد والشركات نموًا جيدًا فى 2021، بدعم من مبادرات التمويل العقاري، وتمويل إحلال السيارات وزيادة نطاق مبادرة تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
مصدر بالقطاع: بعض البنوك توخت الحذر فى منح تمويلات للشركات وأخرى رأت أنه وضع مؤقت
وقال أحد الرؤساء التنفيذيين ببنك خاص يعمل فى مصر، إن العام الماضى كان عاما استثنائيا فى ظل الأزمة العالمية المرتبطة بالجائحة؛ وذلك أثر بدوره على محافظ تمويلات الشركات، وكانت هناك العديد من البنوك التى لديها تخوفات.
وأضاف أن كل بنك وضع استراتيجيته للتعامل مع الأزمة وفقًا للأوضاع، حيث إن بعض البنوك كان لديها حذر فى منح تمويلات جديدة للشركات، وأخرى نظرت إليه بأنه وضع مؤقت، وواصلت منح التمويلات للمؤسسات.
وبحسب المسح على القوائم المالية، ارتفعت قروض الأفراد لدى بنك الشركة المصرفية العربية «SAIB» بنسبة %82 خلال العام الماضي، بينما زادت قروض المؤسسات بنسبة %2.5
وفى البنك التجارى الدولي، صعدت محفظة قروض الأفراد بنسبة %33 خلال العام الماضي، لتصل إلى 36.3 مليار جنيه، مقابل 27.3 مليار جنيه، فى حين تراجعت محفظة قروض المؤسسات بنسبة %3.7 لتصل إلى 100 مليار جنيه، مقابل 104 مليارات جنيه فى 2019.
وطبقا للقوائم المالية، زود بنك QNB الأهلى محفظة قروض الأفراد بنسبة 21.6%فى 2020، لتصل إلى 31.8 مليار جنيه، مقابل 26.1 مليار جنيه، كما ارتفعت محفظة قروض المؤسسات بنسبة %3.46 لتصل إلى 131.9 مليار جنيه، مقابل 127.5 مليار جنيه.
وعزز مصرف أبوظبى الإسلامى أيضًا محفظة قروض الأفراد خلال العام الماضي، لترتفع بنسبة %31.4 مسجلة 12 مليار جنيه، مقابل 9.2 مليار جنيه فى العام قبل الماضي، كما صعدت محفظة قروض المؤسسات بنسبة %28.75 لتصل إلى 29.78 مليار جنيه، مقابل 23.133 مليار جنيه فى 2019.
ونمت محافظ قروض الأفراد والمؤسسات لدى بنك عودة بنسب %35.7 و %17.18 على الترتيب خلال العام الماضي، لتصل إلى 10.55 مليار جنيه محفظة قروض الأفراد، و30.5 مليار جنيه محفظة قروض المؤسسات.
وصعد بنك قناة السويس بمحفظة قروض الأفراد خلال العام الماضى إلى 1.208 مليار جنيه، من 772 مليون جنيه فى 2019، بنسبة زيادة %56.5 كما زادت قروض المؤسسات بنسبة %8.3 لتسجل 19.108 مليار جنيه فى نهاية ديسمبر 2020.
وفى بنك كريدى أجريكول، قفزت قروض الأفراد خلال عام 2020، بنسبة %23.5 لتسجل 9.63 مليار جنيه، مقابل 7.79 مليار جنيه فى 2019، بينما نمت قروض المؤسسات بنسبة %4 لتسجل 17.5 مليار جنيه، مقابل 16.8 مليار جنيه.
وتراجعت قروض الشركات لدى بنك التعمير والإسكان خلال العام المنقضي، بنسبة %19.5 لتصل إلى 7.283 مليار جنيه، مقابل 9.04 مليار جنيه فى نهاية العام قبل الماضي، فى حين ارتفعت قروض الأفراد إلى 13.76 مليار جنيه، مقابل 10.4 مليار جنيه، بزيادة نسبتها %32.