قطاعات البورصة بين مطرقة التضخم وسندان زيادات الغاز

«المال » ترصد المتضررة ونظيرتها المستفيدة

قطاعات البورصة بين مطرقة التضخم وسندان زيادات الغاز
جريدة المال

منى عبدالباري

مصطفى طلعت

6:24 ص, الأثنين, 8 نوفمبر 21

تواصل موجة التضخم العالمية زحفها نحو السوق المحلية، ما سينعكس إيجابًا على قطاعات، وسلبًا على أخرى، وفقًا لمحللى بنوك الاستثمار، الذين تناولوا أثر ذلك على قطاعات الأغذية، والأسمدة، والعقارات.

وشهدت الأشهر الماضية ارتفاعات قياسية لأسعار المواد الغذائية حول العالم، فاق من حدتها ارتفاعات أسعار الغاز الطبيعى، والبترول.

ولاقت هذه الزيادات صداها محليًا، إذ ارتفعت أسعار الأغذية، ومواد البناء، كما أصدرت الحكومة مؤخرًا قرارًا بزيادة أسعار الغاز لصناعات الأسمنت، والبتروكيماويات، والحديد والصلب، بنسبة تقترب من %28.

ويرى محللو بنوك الاستثمار أن شركات الأغذية ستواجه ضغوطًا قوية على دورة رأس المال العامل، وهوامش الربحية تدفعها لزيادات أسعار منتجاتها بشكل تدريجى، بمعدلات تتراوح بين 6 و%9 العام المقبل، إضافة إلى زيادة أخرى قبل نهاية العام الحالى، نتيجة الارتفاعات الحادة فى أسعار مواد الإنتاج، والحاجة لتأمين كميات أكبر من المخزون.

وفى المقابل ستستفيد شركات الأسمدة نتيجة زيادة الطلب على منتجاتها فى ظل ارتفاع أسعار الحبوب، وتراجع المعروض منها، نتيجة الظروف الجوية عالميًا.

وتتفاوت النظرة للقطاع العقارى فى ظلِّ زيادات أسعار مواد البناء، إذ يرى البعض أنه سيكون ملاذًا فى مواجهة الضغوط التضخمية، بينما يرى آخرون أن الإنفاق الضرورى سيكون هو الخيار الأفضل.

قطاعا الصناعة والأسمدة

قالت إيمان مرعى، رئيس قطاعى المواد الاستهلاكية والرعاية الصحية بشركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، إن قطاع الأسمدة يشهد حاليًا ارتفاعًا فى الطلب، نتيجة الزيادة فى أسعار المحاصيل الزراعية فى ظلِّ نقص المعروض.

وأضافت أن الشركات الغذائية ستلجأ لزيادة أسعارها تدريجيا لتغطية الزيادة فى التكاليف الإنتاجية ولكن بوتيرة حذرة، لكى لا تخسر جزءًا من حصصها السوقية.

ولفتت إلى أن شركات موبكو، وأبوقير للأسمدة فى مقدمة الشركات التى ستحقق استفادة من ارتفاعات الأسمدة عالميا.

الحمامى: صعود الغاز يمثل تحدياً جديدًا للحكومة فى مواجهة التضخم

من جانبها، قالت أمنية الحمامى، محلل القطاع الاستهلاكى ببنك استثمار النعيم، إن قرار زيادة أسعار الغاز له انعكاس سلبى على الشركات الصناعية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر؛ لأنه سيعمل فى النهاية على رفع التكلفة الإنتاجية.

وأضافت إلى أن الشركات التى تعتمد على الغاز كعنصر أساسى فى الإنتاج مثل الأسمدة والبتروكيماويات ستتأثر بشكل أكبر لكنها ما زالت مستفيدة من بيع اليوريا بأسعار مرتفعة فى الأسواق العالمية.

برايم:تأثير طفيف على «الأسمنت» و«السيراميك»

وترى وحدة أبحاث بنك الاستثمار «برايم» أن هناك أسهمًا معينة سوف تتأثر سلبًا خاصة الشركات المصنِّعة للأسمدة مثل أبو قير للأسمدة وموبكو، والإسكندرية للأسمدة، المملوكة بنسبة %55.4 للشركة القابضة المصرية الكويتية، إلى جانب مصنعى الصلب مثل حديد عز.

وأكدت “برايم” تأثر الشركات المصنِّعة للسيراميك فى مصر بشكل طفيف، باستثناء ليسيكو مصر، فيما استبعدت تأثر شركة سيدى كرير للبتروكيماويات، موضحة أنها تسدد رسوم الغاز الطبيعى بناء على معادلة سعرية معينة محددة من الحكومة.

وأوضحت أن مصنعى الأسمنت فى مصر لن يتضرروا أيضًا، نظرًا لاعتمادهم فى الغالب على الفحم، ومن المرجح أن يؤدى ارتفاع الأسعار هذا إلى تخليهم عن خططهم لإعادة استخدام الغاز الطبيعى.

قطاع الأغذية

وأشارت “الحمامى” إلى أن أسعار خامات الإنتاج ارتفعت بشكل قياسى خلال الفترة الأخيرة، ما سيعمق من جراح الشركات التى تعمل فى النشاط الاستهلاكى.

ولفتت إلى أن التأثير السلبى لزيادة أسعار الغاز على شركات الأغذية سيكون أقل محدودية، ما سيجعل المنتجات المحلية أكثر تنافسية فى الأسواق العالمية.

وقالت إن الفترة الراهنة تزداد صعوبة على الشركات الاستهلاكية التى تستورد المواد الخام من الخارج، فى ظل ارتفاع أسعارها بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة.

وترى أن بعض الشركات يمكنها مواجهة القرارمن خلال تمرير زيادات سعرية فى بيع المنتجات النهائية وأخرى لن تتمكن خوفًا من الركود.

وأوضحت أن تكلفة الوقود بالنسبة للقطاع الغذائى لا تتعدى الـ%5 من التكلفة الإنتاجية الإجمالية، بينما تعانى ارتفاع أسعار لبن البودرة وزيت النخيل التى وصلت إلى أعلى مستوى خلال 10 سنوات.

وأضافت الحمامى، أن التأثير غير المباشر للقرار يتمثل فى ارتفاع الأسعار بشكل عام، والذى يؤثر على كل الصناعات والعمليات التى تدخل بها المواد الخام، موضحة أن ذلك سيمثل تحديًا جديدًا أمام الحكومة، فى ظلّ ارتفاع معدلات التضخم فى مصر مؤخرًا إلى %8.

غنيمة: ضغوط على رأس المال العامل وهوامش ربحية القطاع «الغذائي»

وقالت نيفين غنيمة، محلل القطاع الاستهلاكى فى بنك استثمار بلتون، إن جميع شركات الأغذية، ومنتجى الألبان، والأجبان سيواجهون خلال الفترة المقبلة ضغوطًا على رأس المال العامل، نتيجة ما تفرضه الأوضاع من ضرورة تأمين مخزون ضخم، وأيضًا هوامش الربحية نتيجة اتجاه بعض الشركات للحصول على تمويلات بنكية، ما يضع عليها أعباء تمويلية.

وأضافت أنه بناء على ذلك سيضطرون إلى رفع أسعارهم مجددًا قبل انتهاء العام الحالى، كما ستتواصل زيادات الأسعار العام المقبل ليشهد أكثر من زيادة سعرية بشكل تدريجى، بمعدلات تتراوح بين 2 و%3 فى كل مرة، بسبب الارتفاعات غير المسبوقة فى أسعار المواد الخام (زيت النخيل – اللبن البودرة الخام)، وأسعار الشحن العالمية، وسط الحاجة الملحة للشركات لضرورة شراء وتأمين كميات أكبر من المخزون، ما يؤدى إلى ضغوط قوية للشركات على صعيد دورة رأس المال العامل، وهوامش الربحية.

وقفزت أسعار زيت النخيل بنحو %37 خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالى، من مستويات 3950 دولارًا للطن مطلع يناير، إلى 5402 دولار للطن نهاية شهر أكتوبر، كما شهدت أسعار اللبن البودرة زيادة بواقع %13 من مستويات 3198 فى يناير الماضى، إلى 3627 دولارًا للطن فى 2 نوفمبر.

وأشارت غنيمة، إلى أن الزيادات السعرية بنسب 2 و%3 تعد منخفضة إذا ما تم مقارنتها بالصعود القوى فى كافة تكاليف الإنتاج، ما سيضع على الشركات عبء تحمل جزء من التكاليف، وضغوطًا على هوامش ربحيتها للحفاظ على حصتها السوقية.

ورجحت أن تقود الأوضاع الراهنة الشركات إلى تقليص العروض الترويجية، بجانب الاتجاه نحو زيادة الإنفاق التسويقىة.

وأشارت إلى أن الزيادات السعرية فى قطاعات بخلاف الأجبان والألبان تتسم بحركة أكثر مرونة، مدللة على ذلك باتجاه شركة إيديتا لزيادة أسعار بعض منتجاتها مؤخرًا بنسب تتراوح بين 33 و%55 بشكل مباشر أو غير مباشر، لافتة إلى أنه فى المقابل لن يستطيع منتجو الألبان والأجبان فرض إجراء مماثل، لأنه ليس لديهم سوى خيار الزيادة السعرية الصريحة والمباشرة، فضلًا عن أن فرض زيادات سعرية مرتفعة يهدد الحصة السوقية، والمبيعات.

وحول اتجاه شركة دومتى لزيادة سعر منتجها “دومتى ساندوتش”، استبعدت غنيمة، ذلك نتيجة الزيادة التى فرضتها فى وقت سابق على سعره ليصعد إلى 5 جنيهات، وهو نفس أعلى سعر فى منتجات إيديتا، وبالتالى سيصعب رفع السعر لاعتبارات المنافسة، إضافة إلى أن هوامش ربحية دومتى فى قطاع المخبوزات جيدة، كما ستقوم بإضافة خطى إنتاج جديدين.

ولفتت أن المخاوف التى تحيط بنمو قطاع المخبوزات فى دومتى تتمثل فى عودة الإغلاقات بسبب فيروس كورونا، ما سينتج عنه تراجع الطلب مجددًا، وعدم قدرة الشركة على تشغيل خطوط إنتاجها الجديدة.

وأكدت غنيمة، أنه من غير المتوقع أن يحدث هدوء فى الزيادات السعرية قبل نهاية العام المقبل، نظرًا لاستبعاد حدوث تحسن فى أسعار المواد الخام قبل نهاية النصف الأول من العام 2022، وبالتالى ستظهر أثاره بنهاية العام.

وفى المقابل لفتت غنيمة، إلى أن الشركات التى استطاعت تأمين مخزون جيد من المواد الخام قبل هذه الموجة التضخمية كعبور لاند، ستستطيع الحفاظ على هوامش ربحيتها بلا ضغوط، خاصة مع اتجاهها لزيادة الأسعار مع المنافسين.

وأعلنت عبور لاند عن نتائجها المالية لفترة الأشهر التسعة الأولى من العام الحالى، والتى سجلت نموًا %4 فى صافى مبيعات ليصل إلى 2.123 مليار جنيه، مقارنة بـ 2.044 مليار جنيه الفترة المماثلة من العام الماضى، كما سجلت نموًا فى صافى أرباحها بواقع %7 لتصل إلى 255.2 مليون جنيه، مقارنة بـ 239.5 مليون جنيه.

نعيم: نمو متوقع فى الخدمات الطبية

وقال هشام حمدى، محلل مالى فى بنك استثمار النعيم، إن هناك عددًا من الشركات من المتوقع أن تتجه لزيادة أسعارها، ومنها جهينة، والتى قامت بالفعل بتحريك أسعارها %3 مايو الماضى بضغوط ارتفاع أسعار مواد الإنتاج عالميا (اللبن الخام البودرة – زيت النخيل)، ومع ارتفاع أسعار التعبئة والتغليف، والشحن الدولى، موضحًا ان استمرار زيادات أسعار المواد الخام سيقود ذلك بالتأكيد إلى زيادات جديدة فى الأسعار.

وتصل الحصة السوقية لشركة جهينة فى قطاع الألبان %52 وفقًا لحمدى.

وعلى صعيد القطاع الطبى، قال حمدى، إن الخدمات الطبية ستشهد ارتفاعًا فى قيمتها الفترة المقبلة أيضًا، نتيجة ارتفاعات الأسعار، والموجة التضخمية، لافتة إلى أن الزيادة فى سعر الخدمات بالقطاع الطبى للحالة الواحدة ستتماشى مع معدلات التضخم.

وقالت إيمان مرعى، رئيس قطاعى المواد الاستهلاكية والرعاية الصحية بشركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، إن هيكل التكلفة لمنتجى الألبان والأجبان سوف يتأثر، وإن كان بنسب متفاوتة، نتيجة زيادة أسعار المواد الخام، والتى ستنعكس سلبًا على هوامش الربحية لجميع الشركات سواء دومتى أو جهينة وعبور لاند.

وتوقعت مرعى، أن تتجه الشركات إلى رفع أسعار بيع منتجاتها، وذلك لتمرير الزيادات فى التكاليف، مدللة على ذلك باتجاه إيديتا لإعلان زيادة أسعارها، وتلتها شركة دومتى فى رفع أسعار البيع.

القطاع العقاري

وقالت تقى الوزيرى، محلل قطاع العقارات فى بنك استثمار بلتون، إن زيادة الأسعار فى المواد الخام ستؤثر على كافة الشركات، وبالتالى ستؤدى إلى زيادة أسعار البيع للوحدات بداية من العام المقبل، وتحديدًا فى التعاقدات الجديدة.

ولفتت الوزيرى، إلى أن أية زيادة فى أسعار المواد الخام تنعكس بشكل مباشر على سعر بيع المتر، والطبيعى حدوث زيادات سعرية مع ارتفاع التضخم.

الوزيرى: %10 قفزاً فى العقارات العام المقبل ..وقد تسبب احجاما من العملاء

ورجحت الوزيرى، أن تبدأ الزيادات السعرية فى الظهور مع مطلع العام المقبل، فى حالة استمرار ارتفاع أسعار المواد الخام حتى نهاية العام الحالى، لافتة إلى أن الزيادات تتجاوز الـ%10 وفقًا لوضع كل شركة.

وحول احتمال تأثر الطلب بزيادات الأسعار، أكدت الوزيرى، أن هناك سيناريوهين الأول؛ أن تنمى المخاوف من التضخم الطلب على العقارات، أو العكس.

وقال محمود جاد، محلل قطاع العقارات بقسم البحوث فى شركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، إن النظرة لقطاع العقارات إيجابية حتى نهاية العام الحالى، وإن تداعيات ارتفاع التكاليف ستظهر العام المقبل.

وأضاف أن أية زيادة فى التكاليف ستنعكس على سعر البيع، ما يضع المطورين العقاريين والشركات أمام تحدٍ قوى، يتمثل فى الحفاظ على الربحية مع تمرير الزيادة إلى المستهلك عبر رفع الأسعار، مما يسبب إحجامًا من المشترين، ولكنه لن يكون عزوفًا كليًا عن الشراء.

وأكد فى الوقت نفسه يجب الإشارة إلى أن المطورين العقاريين والشركات الكبيرة قادرون على مواجهة التحديات، والتعامل معها بشكل أكبر.

عادل: توجهات المطورون تتوقف على وضعهم

من جانبه، قال على عادل، محلل قطاع العقارات فى بحوث بنك استثمار بلتون، إن هناك طلبًا على القطاع العقارى رغم موجة التضخم، وارتفاع أسعار مواد البناء.

وأكد أن هناك بعض الشركات التى ستتجه إلى زيادة أسعارها، نتيجة ارتفاع التكاليف، بسبب قفزة أسعار مواد البناء، وفى المقابل هناك شركات لديها اتفاقيات طويلة الأجل تؤمن لها مواد البناء دون زيادات سعرية.

ولفت إلى أن بعض الشركات التى تطرح مشروعات للفئات ذى الدخل الكبير، وهى لن تتأثر بالارتفاعات السعرية لمواد البناء، لافتًا إلى أنه فى الوقت نفسه هناك تحسن فى السوق الثانوية للقطاع (البيع من عميل لآخر).

وفى المقابل، أشار إلى أن التأثير يظهر على المشروعات والوحدات الخاصة بفئة متوسطى الدخل، مؤكدًا أنه حتى الآن ليس هناك أية تأثيرات ملحوظة على القطاع، مدللًا على قوله بأن بعض الشركات معدلات البيع لديها جيدة بدعم ارتفاع المعروض لديها.

وعلى صعيد وضع تداول أسهم العقارات بالبورصة، قال “عادل” إن الفترة الماضية شهدت تركيزًا على أسهم المضاربات الصغيرة، إلا أنه مؤخرًا بدأ يظهر اتجاهًا نحو الأسهم القيادية كبالم هيلز، وسوديك، وأوراسكوم للتنمية.

ورجح استمرار هذا الاتجاه خلال الفترة المقبلة، خاصة عقب التراجعات التى شهدتها هذه الأسهم العامين الماضيين وبشكل خاص أوراسكوم للتنمية، ومجموعة طلعت مصطفى مع عودة القطاع السياحى للنمو.

ورجح تحقيق جميع الشركات متوسط نمو فى مبيعاتها العام الحالى بنسب تتراوح بين 15 و%20، وربما يتجاوز هذه النسب أيضًا.

من جانبه، قال يوسف البنا، محلل القطاع العقارى فى بنك استثمار النعيم، إن النظرة ستظل إيجابية للقطاع حتى نهاية العام الحالى، إذ إن تأثير الموجة التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار المدخلات سينعكس على التكلفة للمطورين.

وتوقع اتجاه المطورين إلى زيادة الأسعار مع بداية العام المقبل أو بنهاية الربع الأول من السنة، لافتًا إلى أن الزيادات المفروضة ستتفاوت وفقًا لوضع الشركة، ومدى قدرتها على تحمل ارتفاع التكلفة، أو عدم تحملها وتمريرها للمستهلكين.

على صعيد أسهم الشركات العقارية بالبورصة المصرية، أكد أن أسهم القطاع ستظل جاذبة للمستثمرين مع تداولها عند مستويات أقل من قيمتها العادلة، إضافة إلى تعافى القطاع من تداعيات فيروس كوورنا.