أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، أسامه محمود عبدالعزيز، قرارها بشأن النزاع بين محافظة الغربية ووزارة الموارد المائية والري عن عددا من قطع الأراضي بمركز سمنود.
وأشار المستشار أسامه محمود، خلال فتوى مجلس الدولة، إلى أنه تم الاطلاع على كتاب محافظ الغربية رقم (997) خلال يونيه من 2021 بشأن النزاع القائم بين الإدارة العامة لحماية أملاك الدولة بمحافظة الغربية، ووزارة الموارد المائية والري (الإدارة المركزية للري بالغربية)، بخصوص تبعية الأراضي أملاك الدولة المتعدى عليها من قبل أهالي قرية ميت بدر حلاوة بمركز سمنود، والمقدم عنها طلبات تقنين إلى المحافظة.
وأشار مسئول مجلس الدولة، أنه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 بشأن التصرف في الأراضي والعقارات المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا، وأوجب تسليم جميع هذه الأراضي والعقارات عدا ما أصبح منها مخصصا لأعراض المنفعة العامة إلى كل من: الإدارة العامة الأملاك الدولة الخاصة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وإدارة أملاك الحكومة بوزارة الإسكان والمحافظات كل فيما يخصها ؛ لإدارتها والتصرف فيها وفقا للقوانين واللوائح المنظمة لذلك.
وتابع حسب الفتوى، أنه في ضوء صدور هذا القرار، تقدم رئيس مركز ومدينة سمنود بتاريخ 20 فبراير 2022 بمذكرة للعرض على محافظة الغربية تضمنت أنه 12 فبراير 2020 تقدم بعض أهالي قرية ميت بدر حلاوة بمركز سمنود والواردة أسماؤهم بالحصر المساحي المٌعد من مديرية المساحة بالغربية، بطلب تضمن عدم ممانعتهم في السير في إجراءات تقنين وضع أيديهم على الأراضي أملاك الدولة المتعدين عليها، وفقا لأحكام القانون رقم (144 لسنة 2017 ) بشأن بعض قواعد وإجراءات التصرف في أملاك الدولة الخاصة، شريطة تحديد الجهة التي يتم التعامل معها نظراً إلى قيام الإدارة المركزية للري بالغربية بمطالبتهم بأداء مقابل الانتفاع بهذه الأراضي لها والتنبيه عليهم بعدم أداء نسبة (25%) من قيمة هذه الأراضي كمقدم ثمن للمحافظة لعدم ملكية الأخيرة لهذه الأراضي، لكونها من المنافع العامة ذات الصلة بالري والصرف والتي تشرف عليها وزارة الموارد المائية والري وفقا لأحكام القانون رقم (12) لسنة 1984بشأن الري والصرف.
كما أن الإدارة المركزية للرى المذكورة تستند في ملكيتها لهذه القطع المقدم عنها طلبات تقنين – وعلى وفق ما ورد بمذكرة رئاسة مركز ومدينة سمنود المشار إليها – إلى ما ورد بشهادة القيود بالتأشيرات الواردة بالسجل العيني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق (مكتب طنطا) رقم ( 75635) المؤرخة في فبراير 2018 من أنه بالاطلاع على صحيفة الوحدة العقارية رقم (2) بحوض حوشة المعصرة – جزاير فصل أول 16، بزمام ميت بدر حلاوة بمركز سمنود بمحافظة الغربية.
وتبين أن المسطح عبارة 5 أفدنة و8 قيراط، واسم المالك هي منافع عمومية جسر نهر النيل – فرع دمياط عمومي ( ومستعمل سكة زراعية رقم (73) من شبرا اليمن إلى ميت بدر حلاوة وأبو صيرينا وميت النصارى وسمنود، وعليه شريط سكة حديد الدلتا من بركة السبع إلى زفتى وسمنود والمحلة الكبرى وبالعكس.
كما ورد ورد بشهادة المطابقة رقم (75636) ومطابقتها لبيانات السجل العيني، وإزاء هذا التنازع حول ملكية قطع الأراضي محل طلبات التقنين المشار إليها، طلب محافظ الغربية عرض النزاع على الجمعية العمومية.
وتم بالفعل عرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في فبراير من العام الماضي، وانتهت فيها إلى تكليف طرفي النزاع بتشكيل لجنة فنية برئاسة مدير مديرية المساحة بمحافظة الغربية، وعضوية ممثل عن السجل العيني التابعة له المساحة محل النزاع، وممثل عن مديرية الضرائب العقارية بمحافظة الغربية، وممثل عن كل من طرفي النزاع، لتقوم بعد الاطلاع على الخرائط المساحية والسجلات الرسمية – بالانتقال إلى قطع الأراضي المتنازع عليها ومعاينتها على الطبيعة، وتحديد أرقامها، ومساحاتها على وجه الدقة، وبيان المالك الفعلي لهاء والأساس القانوني لملكية هذه الأراضي، وعلى وجه الخصوص بيان ما إذا كانت تقع ضمن الأراضي المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا، والتي تخضع للتنظيم الوارد بقرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980المشار إليه أم خارجة عن نطاق تطبيق هذا القرار بتخصيصها فعليا للمنفعة العامة وقت صدوره، وفي الحالة الأولى بيان ما إذا كانت المحافظة قد تسلمت هذه القطع فعليا وقت صدور هذا القرار أم في تاريخ لاحق على صدوره، وما إذا كانت تمت تعليتها بسجلاتها من عدمه.
وفي الحالة الثانية: بيان وجه المنفعة العامة والجهة التي كانت تقوم باستغلال هذه المساحات وقت صدور قرار رئيس الجمهورية المشار إليه وسندها القانوني، سواء أكانت هذه الجهة الإدارة المركزية للري بالغربية بوصف هذه الأراضي من المنافع العامة ذات الصلة بالري والصرف، أم غيرها من الجهات العامة الأخرى، على أن تودع اللجنة تقريرها مستوفيا المهمة المكلفة بها لدى الجهة عارضة النزاع لتتولى تقديمه إلى الجمعية العمومية قبل انعقاد جلسة 27 ابريل 2022 تمهيدا للفصل فيه.
وبتاريخ 3 سبتمبر 2022 ورد إلى الجمعية العمومية كتاب محافظ الغربية في أغسطس 2022 مرفقا به محاضر أعمال اللجنة الفنية والتقرير النهائي المعد منها، وقد تبين منه عدم حضور ممثل عن وزارة الري للاشتراك في أعمال اللجنة الفنية رغم إخطار الأخيرة بموعد انعقاد جلساتها.
واستظهرت الجمعية العمومية، أن العقارات والمنقولات المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والمخصصة للمنفعة العامة سواء بالفعل، أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، تدخل في نطاق المال العام، وأن تلك الأموال العامة لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، وتتحول طبقا لحكم المادة (88) من القانون المدني إلى أملاك خاصة الدولة – فتخرج عن نطاق أحكام الأموال المخصصة لمنفعة عامة، وتخضع للأحكام المنظمة الأملاك الدولة الخاصة بزوال تخصيصها للمنفعة العامة، سواء تم ذلك بقانون أو بقرار من رئيس الجمهورية أو من الوزير المختص، وكذلك بزوال تخصيصها بالفعل بأن ينتفي استخدامها في الغرض العام الذي كانت مخصصة له أو ينتهي، ويتحقق ذلك بأن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمال هذه الأموال في الغرض المخصصة له وزوال معالم تخصيصها للمنفعة العامة.
إلا أن المشرع بموجب قانون الموارد المائية والري الصادر بالقانون رقم (147) لسنة 2021اختص الأملاك العامة ذات الصلة بالموارد المائية والري بحكم خاص، فبعد أن أسبغ في المادة (1) منه وصف «الترعة» أو «المصرف العام » على كل مجرى معد للري أو للصرف أنشأته الوزارة أو قامت بإدارته أو صيانته قبل تاريخ العمل بهذا القانون أو في تاريخ لاحق، قضى في المادة (3) منه بعد أن أكدت – على عدم الإخلال بأي تصرفات سابقة أو مراكز قانونية مستقرة سابقة على العمل به – بنقل ولاية جميع الأراضي والعقارات من أملاك الدولة العامة ذات الصلة بالموارد المائية والري إلى الوزارة المختصة بشئون الموارد المائية والري، وناط بالوزير المختص وحده دون غيره بموجب قرار يُصدره – تحديد الأملاك العامة ذات الصلة بالموارد المائية والري والتي ينتهي غرض تخصيصها للمنفعة العامة، على أن يحدد هذا القرار إما تخصيص كل أو جزء من هذه الأراضي لإدارة أملاك الدولة بهدف تحقيق مصلحة عامة، أو احتفاظ الوزارة بكل أو جزء من هذه الأراضي لخدمة أحد أنشطة الوزارة الحالية أو المستقبلية، وعلى أن تتولى الوزارة الإدارة والاستغلال والتصرف في الأراضي التي ينتهي غرض تخصيصها للمنفعة العامة، وتمارس عليها جميع سلطات المالك في كل ما يتعلق بشئونها وذلك وفقا لاحكام قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة الصادر بالقانون رقم (182) لسنة 2018 وقانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة الصادر بالقانون رقم (67) لسنة 2010 ، وذلك كله بعد أخذ رأى الجهات المعنية.
كما ارتأت الجمعية العمومية – وعلى ما جرى به إفتاؤها – أن المشرع اختصها بإبداء الرأي مسببا في الأنزعة التي تنشب بين الجهات الإدارية، وذلك بديلا عن استعمال الدعوى وسيلة لحماية الحقوق وفض المنازعات، وأضفى المشرع على رأيها صفة الإلزام الجانبين حسنا لأوجه النزاع وقطعا له، وأن لها في سبيل تهيئتها للنزاع ليكون صالحا للفصل فيه أن تنتدب خبيرا، أو أكثر، للاستنارة بالرأي في المسائل الفنية التي تستدعي خبرة خاصة بشأنها، وذلك كوسيلة من وسائل التحقيق والإثبات في النزاع، وأنها في ذلك هي صاحبة الحق الأصيل في التقدير الموضوعي لجميع عناصر النزاع وهى غير ملتزمة إلا بما تراه حقا وعدلا من رأي لأرباب الخبرة، باعتبار أن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين أرائهم فيما يختلفون فيه وعلى ما جرى به إفناؤها يظل خاضعا كغيره من الأدلة لتقدير الجمعية العمومية، ومن ثم فلها مطلق الحرية في الأخذ بتقرير أي من الخبراء المتخصصين متى اطمأنت إليه واقتنعت بالأسباب التي بنيت عليها نتيجته وتطرح الاخر، كما لها ان اخذا بتقرير بعينه، أن تطرح بعضه وتأخذ بجزء منه، ما دامت قد اطمأنت الى هذا الجزء باعتبار أن ذلك جميعه عنصر من عناصر الاثبات في النزاع يخضع لغيره من الادلة لتقديرها.
وأشارت لجنة الفتوى، إلى أن وترتيباً على ما تقدم، ولما كان الثابت من تقرير اللجنة الفنية المشكلة بقرار الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في 9 فبراير 2022 والذى تطمئن إليه الجمعية العمومية لسلامة الأسس والأبحاث التي قامت عليها نتيجته، أن الأرض – محل النزاع المعروض – المتعدى عليها من قبل أهالي قرية ميت بدر حلاوة بمركز سمنود، الواردة أسماؤهم بالرفع المساحي المٌعد من مديرية المساحة المختصة، والمقدمة عنها طلبات تقنين إلى محافظة الغربية – عبارة عن القطعتين رقمي: (1) و (2) بحوض حوشة المعصرة – جزائر فصل أول – رقم 16، والقطعة رقم (204) وتجزئتها حوض العاطور رقم 8 ، والقطعة رقم (9) وتجزئتها حوض العشرة رقم 5 وأن اللجنة الفنية قد انتهت في تقريرها النهائي بالنسبة إلى القطعتين: (1) (2) المشار إليهما، إلى أنهما لقمان ضمن الأراضي المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا، وأنهما يخضعان ضمن التنظيم الوارد بقرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 المشار إليه، وإذ خلت الأوراق مما يفيد تخصيص أي من هاتين القطعتين الأغراض المنفعة العامة وقت صدور القرار الجمهوري المذكور؛ الأمر الذى يقتضي تسليم هاتين القطعتين إلى إدارة أملاك الدولة بمحافظة الغربية لوقوعهما ضمن نطاق الوحدة المحلية لمركز ومدينة سمنود، وعليه تكون المحافظة هي صاحبة الحق في التصرف فيهما، وفقا للقوانين واللوائح المنظمة لذلك.
وبالنسبة إلى القطعة رقم (204) وتجزئتها حوض العاطور رقم (8) ، فقد انتهت اللجنة الفنية إلى خروجها عن نطاق تطبيق قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 المشار إليه لما ثبت لديها من أنها كانت في الأصل تتبع وزارة الري، وأنه تم تسليمها من تفتيش زي غرب الدقهلية إلى مصلحة الأملاك الأميرية سنة 1960 التصرف فيها أي قبل صدور القرار الجمهوري المشار إليه والعمل بأحكامه، وعليه فإن تسليمها من وزارة الري إلى مصلحة الأملاك الأميرية لتتولى الأخيرة التصرف فيها لهو دليل على استغناء وزارة الري عنها وانتهاء الغرض التي كانت مخصصة من أجله وقتئذ، ومن ثم تزول معه ما للأخيرة من اختصاص عليها.
ومن ثم تخضع لولاية الوحدة المحلية المختصة، لاسيما أن الأوراق قد خلت مما يفيد منازعة وزارة الري في صحة هذا التسليم، وعليه تكون الوحدة المحلية لمركز ومدينة سمنود بمحافظة الغربية الواقعة في نطاقها القطعة المذكورة هي صاحبة الاختصاص في التصرف فيها وفقا للقوانين واللوائح المنظمة لذلك.
وبالنسبة إلى القطعة رقم (9) وتجزئتها حوض العشرة رقم (5)، فقد انتهت اللجنة الفنية إلى أن القطعة المذكورة أملاك أميرية عمومية ترعة ميت بدر حلاوة عمومية بجسربها – نوع ثالث (غير مستعملة) ولا توجد عليها أي قرارات منفعة عامة، ولما كانت الترع العامة وجسورها، وعلى نحو ما انتهت إليه الجمعية العمومية سلفا من استعراضها لقوانين الري والصرف المشار إليها، تعد بحكم القانون من الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف، وأنها وإن كانت غير مستعملة بما يفيد انتهاء الغرض منها؛ فإن الأوراق قد خلت – وعلى نحو ما انتهت إليه اللجنة الفنية – من وجود أي قرارات منفعة عامة بشأنها حتى تاريخه، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 المار بيانه قد صدر بشأن الأراضي والعقارات المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا غير المخصصة للمنفعة العامة وقت صدوره، ولم يتعرض لمسألة انتهاء تخصيص الأراضي والعقارات المخصصة للنفع العام في وقت لاحق أو يوجب تسليم هذه الأراضي والعقارات حال انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة في أي وقت للجهات التي حددها.
وعليه فإنه وفقا لأحكام المادة (3) من قانون الموارد المائية والري الصادر بالقانون رقم (147) لسنة 2021 تكون وزارة الموارد المالية والري هي المنوط بها وحدها دون غيرها – التصرف في تلك القطعة.
لذلك انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أحقية الوحدة المحلية لمركز ومدينة سمنود محافظة الغربية في التصرف في القطعتين رقمي: (1) و (2) بحوض حوشة المعصرة جزائر فصل أول رقم 16 ، والقطعة رقم (204 ) وتجزئتها حوض العاطور رقم (8) ، وعدم أحقيتها في التصرف في القطعة رقم (9) وتجزئتها حوض العشرة رقم (5)، وذلك كله على الوجه المبين بالأسباب.