مصر الأكثر تفضيلًا لأمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا فى خدمات التعهيد

كشفت عنها ورقة بحثية أعدتها «راين» للاستشارات بالتعاون مع «إيتيدا»

مصر الأكثر تفضيلًا لأمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا فى خدمات التعهيد
محمود جمال

محمود جمال

6:21 ص, الأثنين, 21 ديسمبر 20

جاءت مصر ضمن قائمة أفضل 10 واجهات عالمية خلال العام الحالى لدى عملاء خدمات تعهيد الأعمال من الشركات فى مناطق أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا، لتنافس بذلك الدول الأكثر شهرة بالصناعة مثل بولندا وماليزيا والفلبين والهند.

وكشفت ورقة بحثية أعدتها شركة «راين» للاستشارات الاستراتيجية، بالتعاون مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات «إيتيدا» تحت عنوان «دور مصر فى تطور قطاع خدمات التعهيد العالمي»، وحصلت «المال» على نسخة منها، أن مصر تقدمت على كل من بورتوريكو وجامايكا فى الولايات المتحدة، كما تمتعت أيضًا بشعبية كبيرة بين صانعى القرار فى مجال تجربة العملاء فى ألمانيا، بفضل انضمام 3000 من خريجى اللغة الألمانية إلى حقل المواهب المصرى سنويًّا.

«الاتصالات» تستهدف الوصول لقائمة أفضل 40 دولة ابتكارًا فى 2030

وبحسب شركة راين، تستهدف وزارة الاتصالات تضمين مصر فى قائمة أفضل 40 دولة للابتكار عالميًا بحلول عام 2030 عبر تطبيق خطة عمل ترتكز على زيادة عدد المنازل المتصلة بخدمات الإنترنت من 10 ملايين إلى 23 مليون منزل، وإنشاء 20 مركزًا للابتكار طبقًا لاستراتيجية مصر 2025، إضافة إلى تشكيل مجموعات عمل متخصصة فى تصدير خدمات وحلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتطورة، وعلى رأسها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى والبلوك تشين وتقنيات الروبوتات ذات الصلة بصناعة خدمات التعهيد.

تشكيل مجموعات لتصدير خدمات الذكاء الاصطناعى والروبوتات و«البلوك تشين»

وقالت الورقة البحثية إن مقدمى خدمات التعهيد فى مصر تمكنوا فى غضون أسبوعين من اندلاع جائحة فيروس كورونا من تحويل الموظفين للعمل من المنزل بنسبة تراوحت من 50 إلى %85 من دون أن يؤثر ذلك على جودة الخدمات المقدمة.

كما اتسمت الشركات أيضًا بالمرونة فى استجابتها بشأن التعامل مع الوباء؛ حيث سمحت لموظفيها بنقل أجهزة الحاسبات المحمولة إلى منازلهم، وشراء أخرى جديدة لموظفى الورديات الذين يتشاركون الأجهزة نفسها، مع ضبط وتحميل جميع أنظمة الأعمال والأمن المطلوبة لسلاسة واستمرارية العمل عن بُعد.

وأكد وزير الاتصالات، الدكتور عمرو طلعت، فى تصريحات سابقة، أن صناعة التعهيد تُمثل إحدى الركائز الرئيسية فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ مشيرًا إلى أن مصر واحدة من أفضل مقاصد تقديم خدمات التعهيد وخدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود؛ واستطاعت جذب العديد من الشركات العالمية لإنشاء مراكزها المتخصصة فى مصر.

وأضاف طلعت أنه يتم العمل على تنمية صناعة التعهيد فى ظل التوجه نحو تقديم خدمات تكنولوجية ذات قيمة مضافة عالية، والسعى نحو إقامة صناعة قوية لمراكز البيانات؛ مشيرًا إلى المزايا التنافسية التى تتمتع بها مصر، ومن أبرزها توافر البيئة التشريعية الداعمة، والثروة البشرية القادرة على تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات بلغات مختلفة، إضافة إلى تنافسية تكاليف التشغيل، وتوافر المناخ الملائم لتحفيز الشركات المحلية والعالمية على توسيع نطاق أعمالها، وخلق العديد من فرص العمل فى مجال التعهيد.

وألمحت الورقة البحثية إلى أن أزمة كورونا شكلت تحديًا غير متوقع ومسبوق لصناعة تعهيد نظم الأعمال، إذ جعلت مراكز الاتصال خاوية من وجود الموظفين فى جميع أنحاء العالم، وبات العمل عن بُعد أمرًا حتميًا، وليس مجرد فكرة يتم استخدامها فى حالات الطوارئ فقط.

وشددت على ضرورة ضخ استثمارات ملائمة فى حلول الامتثال، وإنشاء منصات موحدة لإدارة ممثلى خدمة العملاء، وتوفير تقنيات وحلول قوية واعتمادية للاتصالات، معتبرة أن تجاهل تطبيق هذه الإجراءات من قِبَل مقدمى خدمات التعهيد سيفقدهم المصداقية عوضًا عن حصصهم السوقية.

وفى مرحلة ما بعد الوباء، سيتم تركيز الجهود على مزج تقديم خدمات التعهيد من خلال مراكز العمل مع العمل من المنزل، كجزء من نموذج مراكز الخدمات العالمية الهجين، بهدف الحد من المخاطر وضمان استمرارية الأعمال فى حالة وقوع كارثة مماثلة.

وفى سياق متصل، أوضحت الشركة أن صناعة خدمات التعهيد ومراكز خدمات الاتصالات متعددة اللغات فى مصر تتسم بالتنافسية من حيث التكاليف التشغيلية، خاصة بعد تحرير سعر الصرف فى عام 2016، إذ تعتبر الأقل تكلفة بنسبة %60 عن الوجهات الأكثر تميزًا مثل الهند والفلبين وماليزيا.

وتقدم «إيتيدا» مجموعة من الخدمات لدعم الشركات التى تتطلع للتوسع فى مصر، من بينها تقديم معلومات عن السوق، وترتيب زيارات الفحص النافى للجهالة، إضافة إلى تقديم الحوافز المالية الشاملة للتعيينات الجديدة، ونظام المتابعة مع مسئول خاص للتواصل مع احتياجات المستثمر.

وكانت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA) قد قامت فى يونيو 2020 بتطوير برنامج الحوافز الخاص بالمستثمرين، ليشمل دعمًا ماليًا أوسع، وتغطية تكاليف خدمات الاتصالات وتدريب الموظفين الحاليين.

كورونا يجبر الشركات على تطبيق نظام العمل الهجين

وأكد عمرو محفوظ، الرئيس التنفيذى لإيتيدا، أن مصر نجحت فى عبور اختبار حقيقى لقدرة البنية التحتية التكنولوجية خلال جائحة كورونا، بفضل سرعة الاستجابة والمرونة التى يتمتع بها القطاع، مشيرًا إلى الاستعداد الرقمى وجاهزية مقدمى خدمات تعهيد تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود فى مصر، سواء المحلية منها أو العالمية، التى تتخذ من مصر مركزًا لتقديم خدماتها.

وقال محفوظ إن نجاح التجربة المصرية فى تخطى الأزمة أصبح يُمثل ميزة تنافسية جديدة فى عرض القيمة المصرى كدولة جاذبة لخدمات التعهيد؛ حيث دفع هذا النجاح الشركات العالمية نحو زيادة الطلب على تقديم خدماتها، انطلاقاً من مصر، خاصة بعد استثمارات الدولة الضخمة فى تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وفى قطاع الطاقة والكهرباء.

لافتًا إلى أن مقدمى خدمات التعهيد فى مصر قاموا بتعيين الكثير من العمالة المتضررة بقطاع السياحة، واستغلال قدراتهم اللغوية، ومن المتوقع أن يشهد النصف الثانى من 2021 استقرارًا للأوضاع فى مختلف القطاعات.

ووفق شركة «راين»، يقدم قطاع خدمات التعهيد فى مصر خدماته لحوالى 100 دولة، وبقوى عاملة من المتوقع أن تبلغ 240 ألفًا من ممثلى خدمة العملاء، وفقًا لتقديرات مؤسسة الأبحاث التسويقية «آى دى سي»، وتعد شركة «تى تك» (TTEC) الأمريكية أحدث اللاعبين الجدد فى سوق خدمات التعهيد بمصر خلال 2020، وتقدم خدماتها بنحو 27 لغة مختلفة لعملاء الشركة فى أوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية، فى الوقت ذاته تعمل شركة ترانسكوم السويدية على تطوير موقع جديد لها بالقاهرة بعدما دخلت السوق فى 2019.

وتضم مصر أكثر من 70 جامعة و100 معهد للتعليم العالى فى جميع أنحاء البلاد، ويتخرج أكثر من 537 ألف طالب سنويًا، معظمهم فى تخصصات متعلقة بمجالات إدارة الأعمال والقانون، ومن بينهم يوجد أكثر من 330 ألف خريج مؤهل للعمل بوظائف فى قطاع خدمات تعهيد الأعمال سنويًا، وذلك وفقًا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وتُخرج المعاهد التعليمية 81 ألف طالبًا سنويًا فى تخصصات المحاسبة والضرائب، و45 ألف مدرس فى مواد متخصصة، و30 ألف مهندس متخصص فى بناء نماذج قواعد البيانات، وأكثر من 22 ألفًا من خريجى الخدمات والاستشارات الاجتماعية، وتُمثل المهارات المتعددة حقلًا كبيرًا من الكفاءات التى من الممكن لشركات تعهيد الأعمال الاستفادة منها لخدمة العديد من الصناعات أو التخصصات المختلفة، مثل الخدمات المالية، والتدريب والتعليم، وإدارة البيانات، وتجربة العملاء بصفة عامة.

يُشار إلى أن مصر استحوذت على %17من حجم سوق قطاع خدمات تعهيد الأعمال عالميًا خلال 2019 طبقًا لبيانات مؤسسة «آى دى سي»، وتعتبر حاليًا مركزًا حيويًا لتقديم خدمات القيمة المضافة لمئات المؤسسات الشركات العالمية مثل «تيلى بيرفورمانس» و»كونسنتركس»، و»ساذر لاند»، و»سايكس»، و»آيسون إكسبيريانسز».

وعلى سبيل المثال، يعمل حوالى 7800 موظف بشركة فودافون للخدمات الذكية فى مصر، والتى تقدم خدمات التكنولوجيا والأعمال لكل من المملكة المتحدة البريطانية وأيرلندا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا، ويعتبر فرع الشركة مركزًا رئيسيًا لأنشطة الشركة العالمية فى مجالات الأتمتة الآلية للعميات (RPA) والذكاء الاصطناعى.

وأكدت دراسة «راين» أن حلول إدارة وحماية أمن الفضاء الإلكترونى ومنع عمليات الاحتيال أصبحت حاليًا من الأولويات الأكثر أهمية لدى عملاء المؤسسات والشركات المطلوبة من مقدمى خدمات التعهيد.

ووفق بيانات «إيتيدا»، تعتبر أجور ممثلى خدمات تعهيد الأعمال فى مصر منخفضة، مقارنة بالأسواق الأخرى، إذ يتراوح راتب ممثل خدمة العملاء المبتدئ فى مصر الذى يجيد التحدث باللغة الإنجليزية بين 4 و8 آلاف جنيه شهريًا، ما يعادل 250 إلى 500 دولار أمريكى.

وتعتبر اللغات الأوروبية الأكثر شيوعًا بخلاف الإنجليزية كلا من الفرنسية والألمانية والأسبانية والإيطالية، إضافة إلى توافر أعداد كبيرة من الطلاب الجامعيين الذين يتقنون أيضًا لغات أخرى تؤهلهم لسوق العمل، ومنها التركية والصينية والروسية والسيامية والعبرية والفارسية واليونانية والأردية والكورية واليابانية والأفريقية والتشيكية، ما يُمكن شركات خدمات تعهيد الأعمال المصرية من تلبية طلب عدد من الأسواق العالمية المتنوعة.