منذ سنوات طويلة كانت السينما المصرية تشهد أعمالا فنية تتميز بطابع الاستعراض والغناء، وكانت تجذب الجمهور المصري والعربي مثل أفلام “غرام في الكرنك” وغيرها .
لكن هذه النوعية من الافلام السينمائية اختفت وغلب على صناعة السينما المصرية ، افلام الاكشن والكوميديا معظم الوقت وبرغم تحقيقها ايرادات مرتفعة وجذب للجمهور، الا ان دور العرض السينمائية افتقرت كثيرا لنوعية افلام الاستعراض والغناء المبهجة في السينما المصرية .
نرصد في هذا التقرير أسباب اختفاء نوعية الأفلام الاستعراضية والغنائية في السينما ورؤية النقاد في مدى جاذبيتها لو أعيد إنتاجها.
نادر عدلي: غياب فرقة رضا سبب فراغا في السينما والأمر يحتاج لمواهب عالية يتقبلها الجمهور
قال الناقد الفني نادر عدلي إن غياب الفيلم الاستعراضي عن السينما المصرية منذ سنوات ، يرجع لعدم وجود الموهبة التي يمكن ان يقبل منها المشاهد هذه النوعية من الافلام بصدر رحب ، بحيث يكون نجم شباك ويقدم لهم شكلا جديدا وصورة جديدة وإيقاعا سينمائيا مختلفا عن السائد حاليا .
وأضاف أن هذه العناصر تتطلب مواهب مستواها عال ، لذلك وجود فرقة رضا منذ سنين طويلة بكل ما قدمته للسينما المصرية بصورة عامة فرضها على الجمهور والسينما ، لافتا الى ان وجود علي رضا كمخرج كان يعي جيدا امكانيات الراحل محمود رضا وفريدة فهمي والايقاع المختلف، لانه لم يتم تقديم اغنية او موسيقى لمطرب او مطربة ومن خلالها الاستعراض بل كان يقدم نوعا من الموسيقى غير دارج ويمثل تراث مصر في محافظات مختلفة .
وأوضح ان الاستعراض الذي كان يقدم كان مختلفا عن الاستعراض الثاني والثالث وهكذا ، منوها إلى أن هذه النوعية من الافلام السينمائية كانت في الماضي غير مكلفة كثيرا لكن حاليا ستكون مكلفة انتاجيا بدرجة كبيرة لكن لو نفذت ستحقق ايرادات عالية .
وأكد عدلي أن فرقة رضا تعتبر ظاهرة استعراضية فريدة من نوعها لم تتكرر في مصر حتى هذه اللحظة ، ووجودها كان فوق التصور ان يكون لدينا فرقة تعبر عن الشكل القومي في ربوع مصر كلها بايقاعات مختلفة واداء حركي مختلف وطبيعة غنائية شعبية مختلفة ، كل ذلك مجتمعا لم يتكرر سوى مع فرقة رضا حتى بعد ان قل نشاطهم بسبب كبر السن كانت هذه الفرقة غير موجودة على الساحة السينمائية والفنية وذلك سبب فراغا كبيرا فيها .
محمود قاسم: لم يعد لدينا مثل نعيمة عاكف ومحمد فوزي.. وأفلام السبكي ليست استعراضية
بينما قال الناقد السينمائي محمود قاسم إن الفنانة نبيلة عبيد قدمت افلاما مثل كروان له شفايف عبارة عن اشخاص في ملهى ليلي ويغنون ويرقصون مثل الصالة التي اقامها محمد السبكي في افلامه ويقوم ممثلون بالغناء والرقص، فذلك لا يعتبر استعراضا أو فيلما غنائيا أبدا .
وأكد أن الاستعراض في السينما يحتاج لنجم وملحن ومكان مناسب ومؤلف جيد وذلك كله ليس متوفرا في صناعة السينما حاليا ، لاسيما ان السبكي رغم تقديمه أفلام غنائية بسعد الصغير وغيرهم لكن كانت دون المستوى لانه ليس لدينا حاليا نعيمة عاكف ومحمد فوزي ونيلي مظلوم وغيرهم ، مشيرا إلى أن الممثل الشاب احمد يحيى الذي اكتشفه يوسف شاهين منذ سنوات كان مميزا ورغم ذلك اختفى فجأة.
وأوضح أن الفيلم الاستعراضي الغنائي يحتاج إلى تكلفة إنتاجية كبيرة، لو قدم فيلما سينمائيا واحدا اما لو قدم اكثر من فيلم على نفس المسرح والديكور فذلك يوفر نفقات كبيرة ، بحيث يتم استخدام الاكسسوارات والملابس والمكان في اكثر من عمل سينمائي.
فايزة هنداوي: مكلف ويحتاج لمصممي رقصات محترفين ويجب أن يتنوع في الإنتاج
وقالت الناقدة فايزة هنداوي إن الفيلم الاستعراضي اختفى من السينما المصرية ، لانه مكلف انتاجيا والمنتجون حاليا لا يبحثون سوى عن المكسب المادي السريع بتقديم افلام سينمائية تجارية فقط للجمهور سواء الاكشن او الافلام الدرامية التي تستقطب نوعية معينة من الجمهور .
واكدت ان الفيلم الاستعراضي يحتاج لإمكانات عالية سواء في مصممي الرقصات والاستعراضات والاغنيات ايضا ، وبعد غياب فرقة الراحل محمود رضا التي كانت تتميز في هذا النوع من الاعمال السينمائية غاب الفيلم الاستعراضي .
واشارت ايضا الى ان المطربين لم يعودوا متحمسين لتقديم هذه النوعية من الافلام الغنائية او الاستعراضية ، لاسيما ان هناك مطربين يقدمون اعمالا سينمائية مثل تامر حسني لكنه يقوم بتقديم فيلم سينمائي عادي وفيه اغنيتين فقط ، وذلك لا يعتبر فيلما استعراضيا ابدا .
وأوضحت هنداوي أن الجمهور يحب نوعية الأفلام الاستعراضية ، التي قدمت في فترة الستينات والسبعينات مثل غرام في الكرنك وأجازة نص السنة ، لأن لكل نوعية من الأعمال السينمائية جمهورا معينا ويجب أن يكون هناك تنوعا من منتجي السينما المصرية في الأفلام المقدمة، وعدم الاكتفاء بإرضاء شريحة معينة من الجمهور فقط طيلة الوقت التي تهوى أفلام الأكشن والأفلام التراجيدية.