هل هي البداية؟

هل هي البداية؟
حازم شريف

حازم شريف

10:26 ص, الأحد, 18 مايو 03

دعونا ندعي أن السنوات الأخيرة الماضية قد مرت كبيسة بل وسخيفة علي الاقتصاد المصري، خاصة أنها اعقبت فترة زمنية أخري، استمرت تقريبا منذ منتصف عام 94 حتي بدايات عام 97 ساد خلالها اعتقاد متفائل بأن الاقتصاد قد بات علي أبواب الانطلاق .

وليس لدينا الرغبة في الدخول في تفاصيل ومظاهر تلك الأزمة، من تراجع في معدلات النمو، وزيادة الدين الداخلي، وعجز في ميزان المدفوعات، والميزان التجاري، وتقلص الاحتياطي النقدي من العملة الاجنبية، وتوقف القطاع الخاص تقريبا عن ضخ استثمارات جديدة، في ظل تعثره في تصريف أمور مشروعاته القائمة، كما لا نرغب في الخوض في أسبابها ــ الأزمة ــ وهل هي خارجية أم داخلية أم الاثنين معا؟ ولا في الجدل حول المتسببين فيها، قوي خارجية أم داخلية أو كلاهما؟.

ولكن الأمر المؤكد ــ علي الأقل بالنسبة لنا ـ أن الأسابيع القليلة الماضية ـ وتحديدا بعد أن وضعت الحرب في العراق أوزارها ــ قد شهدت بعض الحركة في أوساط الدوائر الاقتصادية بل والسياسية، تعطي لنا بعض الأمل في أننا ربما نكون علي أعتاب مرحلة جديدة، تتسم بالديناميكية والتغيير علي كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية .

ما هي مظاهر هذه الحركة؟

أولها تحسن ملحوظ في الحالة النفسية والمزاجية للعاملين في السوق، يمكن رصد انعكاسها بوضوح في إقبالهم مرة أخري علي متابعة الاحداث المختلفة، وعودتهم للحوار حول فرص الاستثمار المتاحة، وحركة التغيير الجاري سواء علي المستوي السياسي، أو علي الجانب الاقتصادي وبصفة خاصة القطاع المالي .

وثانيها تحركات حقيقية ــ ظهرت بعض نتائجها وستظهر ثمار أخري لها خلال الفترة القصيرة القادمة ــ لمهندسي اقتناص الفرص والصفقات وعمليات الشراء والاستحواذ في عدد من بنوك الاستثمار .

وثالثها حالة السخونة التي تمر بها دوائر صنع القرار الاقتصادية والتي افرزت ــ وربما لأول مرة ــ نوعا من الخلاف الصحي حول قضايا بالغة الأهمية، مثل موضوع تحديد أهداف السياسة النقدية خلال الفترة القادمة، وهو موضوع شهد خلافا حادا ــ ولكنه مفيد في نفس الوقت ــ لهث المهتمون به ــ وما أكثرهم ــ من ندوة إلي أخري، لمتابعة المناظرة الممتدة حوله بين كل من الدكتور محمود أبو العيون محافظ البنك المركزي والدكتور محمود محيي الدين رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني .

من أين تستمد هذه الحركة زخمها؟ وما هي روافدها؟

يخطئ من يظن أنها وليدة اللحظة، وإنما هي محصلة عدة تراكمات وعوامل داخلية وخارجية، شهدتها الأشهر القليلة الماضية، من بينها عملية الاصلاح السياسي علي المستوي الداخلي، والتي من المتوقع أن تستمر وتتفاعل خلال الفترة القادمة، خاصة مع الرغبة الداخلية المتوافرة في التوافق مع المتغيرات التي أفرزتها الحرب العراقية .

كذلك عملية الاصلاح التشريعي التي تضمنت ترسانة من القوانين، التي طال انتظارها لتنظيم وتحريك السوق ، مثل قوانين الرهن العقاري والبنوك والشركات وغيرها .

أيضا التسريع برتق الثقوب البالية في منظومة القطاع المصرفي من خلال الدفع بوجوه وكوادر جديدة شابة، تمتلك خبرات متنوعة خارجية وداخلية في المناصب القيادية لكبريات البنوك. وإن كان يؤخذ علي ذلك ارتباط هذا التصعيد في أغلب الأحوال بشرط الانضمام إلي عضوية الحياة السياسية الحزبية الأحادية! وهو ما قد يهدد بطغيان ما هو سياسي ــ وهو مجرد وسيلة في هذه الحالة ــ علي ما هو مهني ــ وهو الهدف من عملية الاصلاح .

بعض الخطوات الجريئة التي تم اتخاذها مؤخرا، ساعدت كذلك علي تغير الحالة والمزاج لقطاع الأعمال، وفي مقدمتها بكل تأكيد قرار تحرير سعر الصرف، الذي أنعش خيال العاملين في القطاع المالي وفي البيزنس بصفة عامة، وأوجد حالة من الفوران والرغبة في اثبات الذات في ظل يقين تدريجي في أننا علي أعتاب الدخول في مرحلة جديدة، تتأكد فيها يوما بعد يوم اختلافها ايجابيا عن مرحلة السنوات العجاف الماضية والتي شهدت جوا من التردد يشوبه الخوف والتقاعس في دوائر صنع القرار الاقتصادي .

هل نحن فعلا علي وشك الولوج إلي مرحلة انتعاش حقيقية؟

أغلب المؤشرات تدفعنا إلي الاعتقاد في ذلك .. هذا إذا لم يكن لمغامرات الكاوبوي الأمريكي رأيا آخر .