أخشي كثيرا علي »الجهاز المركزي للمحاسبات« مما يدبر له من جهات، نجح الجهاز في كشف بعض عوراتها ضمن ممارسته لأمانة المسئولية المكلف بها الجهاز لحماية مصالح الدولة العليا، بعيدا عن »الفهلوة« التي يمارسها مسئولون كثر في مواقع يتولون أمورها دون إدراك لقداسة تلك المسئولية التي لا يحاسبهم علي اهدارها أحد ضمن »عفو ضمني« عن كل الحبايب!
والغريب أن الذين يتربصون بالجهاز ـ علي الأقل في المعركة المقبلةس التي تبدو بوادرها في الأفق ـ هي الحكومة، ممثلة في وزير ماليتها »بطرس الأكبر«، ومجلس الشعب والحزب الوطني ويمثلهما رئيس لجنة الخطة والموازنة تحت قبة »سيد قراره«. وينوي الطرفان ـ رغم أن الدولة قد حددت منذ سنين اختصاصات الجهاز ـ إعادة النظر في تلك الاختصاصات رغم عدم وقوع ذلك في نطاق مسئولياتهما أو واختصاصاتهما، فيما عدا أن يتصور هؤلاء أنهم »هم الدولة«، ومن ثم يكون من أو اجباتهما »تقليم أظافر« الجهاز ليصبح مستأنسا، لا يسبب لأي منهما صداعا أو يكشف عورات مطلوباً أن تظل مخفية لصالح أطراف أخري كثيرة يتولون حمايتها بعضلات السلطة التي يمتلكونها، أو التي أضافوها لأنفسهم ضمن غيبوبة عامة لم يتنبه لها أحد!
ويري المتربصون بالجهاز أن تقاريره وبياناته القائمة علي دراسات حقيقية يقوم بها خبراؤه، تسبب الكثير من »الحرج« للحكومة، والحزب الوطني أمام الرأي العام المصري، وهو ما ليس مطلوبا خلال الاشهر السابقة علي موسم الانتخابات الذي عادة ما تزدهر فيه قصائد المديح والغزل، مع تغطية مكثفة لكل النواقص والسوءات بالكثير من الزهور حتي لو كانت الغيوم تغطي كل السماوات. وهي بالفعل تغطي كل السماوات!
ويقارن هؤلاء المتهمون بتقليم الأظافر بين الجهاز المصري للمحاسبات، بالمقارنة بين واجبات ومهام ديوان عام المحاسبات »الفرنسي« ـ مع أننا لسنا فرنسا، ولا القاهرة هي باريس ـ حيث ينحصر دور الديوان الفرنسي هناك في تقييم الأداء العام للسنة المالية فقط وليس أكثر، دون القيام بتقييم أداء الحكومة والوزراء كما يفعل جهاز المحاسبات المصري، وهو ما تراه »اللجنة التشريعية« لمجلس سيد قراره تدخلا من الجهاز فيما ليس من اختصاصه، مع أنه صلب هذا الاختصاص!
ورغم انكار الجميع منصب »كمين« للجهاز المركزي للمحاسبات، ونفي البعض وجود أي مخطط لتحجيم سلطات الجهاز، فإن هؤلاء بينهم من يقول ـ ضمن محاولات النفي المتكررة ـ إن دور الجهاز »يتكامل« مع الدور الرقابي لمجلس الشعب من حيث كشف أي قصور أو مخالفات، تأكيدا علي الشفافية، وحثا للحكومة علي جهود الاصلاح. طيب.. زعلانين ليه!
ويقول آخرون إن سلطات لجهاز التابع لرئاسة الجمهورية يحددها قانون مستقبل يعطي الجهاز سلطة إبداء أي ملاحظات حول مدي التزام الحكومة ومؤسساتها بالقانون، والخطة والموازنة، ومن ثم فإن تقاريره لا تعتبر تقييما سياسيا لأداء مؤسسات الدولة، ولا تعدو أن تكون رصدا لأي مخالفات مالية ترتكبها الحكومة، وأن نواب الحزب الوطني ـ كما يقول هؤلاء ـ يفتعلون المعارك مع الجهاز في كل تقرير يقدمه لإثارة »شوشرة« عامة باتهام الجهاز بتجاوز اختصاصاته بهدف »التشويش« علي المخالفات الحكومية الجسيمة التي تقع، وفي نفس الوقت »تخويف« رئيس الجهاز من مغبة الاصطدام بالحزب والحكومة، مع أن الرجل ـ حتي الآن ـ لم يبد أي »ارتعاب« من الغاضبين من تقاريره!
ويتحدث بعض الخبراء عن أن تقييم الجهاز أداء الحكومة من النواحي الفنية والمالية والإدارية ـ وإن كان لا يمثل تقييما لأداء الحكومة السياسي ـ إلا أن جميع ملاحظات الجهاز تلقي بظلالها وتوحي بضعف الأداء السياسي للحكومة، أي أنه يحمل بين طياته ذلك المعني الذي يثير غضب الحكومة، وخنق الوزراء، ونواب الحزب الوطني!
ويتوقع البعض أن يؤدي اللغط الرسمي الدائر حول الجهاز المركزي للمحاسبات، وبروز الكثير من أنياب الحكومة والنواب الي أن يأتي البيان القادم للجهاز أقل حدة في تناوله الملاحظات المالية، وهو ما لا أعتقد في صحته إذا ما أصر الجهاز علي الاحتفاظ باحترام الشعب المصري لأدائه حتي الآن!!
احمد سمير
12:01 ص, الأحد, 7 مارس 10
محمود كامل
احمد سمير
12:01 ص, الأحد, 7 مارس 10
End of current post