تستعد شركة الكهرباء المتعثرة في جنوب أفريقيا “إسكوم هولدينجز” لتلقي دعم حكومي يصل إلى 254 مليار راند (13.9 مليار دولار أميركي) يتضمن تخفيفاً لأعباء ديونها خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، شريطة خصخصة شبكة نقل الكهرباء بالبلاد والمحطات العاملة بالفحم بصورة جزئية واتخاذ خطوات لتحسين أدائها.
من المقرر أن تعزز حزمة تخفيف أعباء الدين ميزانية الشركة، وأن تغطي كل مدفوعات الفائدة على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، طبقاً لتفاصيل الميزانية التي قدمها وزير المالية إينوك غودونغوانا للمشرعين في كيب تاون يوم الأربعاء. هذه الخطوة ستمكن مرفق الكهرباء من الاستثمار في البنية التحتية لشبكة نقل وتوزيع الكهرباء خاصة أنَّ البلاد تعاني من انقطاعات التيار الكهربائي.
محنة شركة كهرباء في جنوب أفريقيا
قالت وزارة المالية أثناء استعراض الميزانية إنَّ “(إسكوم) تستنزف الاقتصاد بشكل هائل”. وكان “انقطاع الكهرباء لفترات طويلة وبشكل منهك” واحداً من العوامل التي دفعت الوزارة لخفض توقُّعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2023 إلى 0.9% من توقُّعات 1.4% في أكتوبر.
يأتي الإعفاء من عبء الديون ليُضاف إلى حزمة إنقاذ قيمتها 263.4 مليار راند سُلمت لـ”إسكوم” منذ 2008، عندما بدأ انقطاع التيار الكهربائي الذي آثار اضطرابات اقتصادية. ويتوقف نجاح الخطة جزئياً على رفع تعريفة الكهرباء التي لا تحظى بشعبية سياسية وتغذي معدلات التضخم.
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الذي يُتوقَّع أن يقود في العام المقبل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في أصعب معاركه الانتخابية منذ سقوط نظام التمييز العنصري، ناشد شركة “إسكوم” تعليق رفع التعريفة بنسبة 18.7%. كما تُظهر استطلاعات الرأي أنَّ الحزب الحاكم يواجه مخاطر خسارة أغلبيته الوطنية.
كيف سيتم تنظيم عملية تخفيف ديون “إسكوم”
حكومة جنوب أفريقيا ستعفي “إسكوم” من 78 مليار راند في 2024، و66 مليار راند في 2025، و40 مليار راند في 2026 ضمن خطة إعفائها من الديون.
سيتم تمويل حزمة إنقاذ قدرها 66 مليار راند من خلال مخصصات حُددت في أكتوبر، بجانب الحاجة إلى اقتراض 118 مليار راند إضافية.
الدولة ستحصل بشكل مباشر على أكثر من 70 مليار راند من محفظة قروض “إسكوم” في 2026، ممولة من خلال إصدار سندات قصيرة وطويلة الأجل في السوق المحلية.
قروض إضافية
تعتزم الحكومة منح “إسكوم” قرضاً إجمالياً قيمته 184 مليار راند على ثلاث دفعات سنوية تنتهي في مارس 2026 لسداد ديونها المستحقة وتغطية تكاليف الفائدة. هذا التمويل سيُحول إلى أسهم إذا استوفت “إسكوم” معايير الأداء المطلوبة، كما قالت وزارة المالية إنَّ جزءاً كبيراً من التحويلات سيُموّل من خلال قروض إضافية.
تخطط الدولة أيضاً للحصول بشكل مباشر على ما يصل إلى 70 مليار راند من محفظة قروض “إسكوم” في العام المالي 2026 عبر تحويل التزامات الشركة إلى ديون حكومية ستُمول عن طريق إصدار قروض محلية قصيرة وطويلة الأجل.
قال دنكان بيترس، رئيس وحدة إدارة الأصول والخصوم بوزارة المالية، إنَّ الحكومة لم تناقش بعد خطة تخفيف أعباء الديون مع دائني “إسكوم”، بالرغم من أنَّها وضعت من خلال ملاحظات ناتجة عن مشاركات مستمرة.
بالرغم من أنَّ خطة تخفيف أعباء الديون ستمنح الشركة الخاسرة مجالاً للاضطلاع بأعمال الصيانة المهمة اللازمة لتأمين إمدادات الكهرباء، لكنَّها ستكون مؤلمة بالنسبة للدولة.
ربما يبلغ الدين الحكومي للبلاد ذروته عند 73.6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026، وهو مستوى يأتي بعد ثلاثة أعوام مما كان يتوقَّع في السابق. كما سترتفع تكاليف خدمة الدين، وهي بند الإنفاق الأسرع نمواً منذ حوالي عقد، إلى نحو 20% من إيرادات الميزانية الرئيسية. ويأتي ذلك بالرغم من استخدام الحكومة لإيرادات ضريبية أعلى من المتوقَّع لسداد الديون وكبح عجز الميزانية.
شروط تخفيف أعباء الديون
الإنفاق الرأسمالي لـ”إسكوم” يقتصر بشكل أساسي على نقل وتوزيع الكهرباء.
الإنفاق الرأسمالي على توليد الكهرباء ربما يتعلق بالمعايير الدنيا للانبعاثات، والتخلص من الكبريت في غاز المداخن، والصيانة المطلوبة، مع عدم إتاحة الفرصة لأي مشاريع أخرى جديدة.
استخدام عائدات بيع الأصول غير الأساسية لترتيب عملية تخفيف أعباء الديون، لكن لا يمكن استخدامها لتلبية احتياجات رأس المال والاحتياجات التشغيلية لـ”إسكوم”.
لن يُسمح بأي عمليات اقتراض جديدة بدءاً من الأول من أبريل حتى نهاية فترة تخفيف الديون، ما لم يمنح وزير المالية إذناً كتابياً بذلك.
حزمة الضمانات الحكومية البالغة 350 مليار راند ستُخفض تماشياً مع توصيات وزارة المالية.
أرصدة حقوق الملكية في عقود المشتقات الخاصة بـ”إسكوم”، بما فيها المقايضات والتحوطات، لا يمكن استخدامها في هيكلة اتفاقيات ديون أو قروض جديدة دون موافقة الوزارة، ولا كتمويل هامشي لعقد مشتقات أخرى أو بدائل المشتقات.
لا يمكن استخدام حزمة تخفيف أعباء الديون سوى لتسوية مدفوعات الديون والفوائد.
عدم تنفيذ “إسكوم” لتعديلات الأجور للموظفين التي تؤثر سلباً على مركزها المالي العام واستدامتها.
الأداء المستهدف
يتوقف تخفيف أعباء ديون “إسكوم” على تلبية الشركة لأهداف الأداء المحددة مسبقاً، حيث سيعمل اتحاد مؤلف من خبراء الطاقة على مراجعة المحطات العاملة بالفحم التابعة للشركة بحلول منتصف العام، وتحديد المصانع التي يمكن “إعادة إحيائها” بناءً على معايير الشركة الأصلية المصنعة للمعدات وتقديم المشورة بشأن الكفاءات التشغيلية. بعد ذلك، ستضطر “إسكوم” إلى تنفيذ التوصيات وعمليات مناطق الامتياز وصيانة المصانع للمشغلين من القطاع الخاص.
قال جيفري كوفاني، مدير الطاقة والاتصالات في وحدة إدارة الأصول والخصوم بوزارة المالية، إنَّه من المتوقَّع أن تفي شركة الكهرباء بكافة الشروط في وقت ستُمنح فيه فرصة لتعزيز مستوى التزامها. سيجري استعراض أداء “إسكوم” على أساس فصلي، وسيتعيّن عليها سداد القروض إلى صندوق الإيرادات الوطنية بأسعار الفائدة السائدة بالسوق، وذلك في حال فشلها في تحقيق الأهداف.
في الوقت نفسه، اتفقت “إسكوم” ووزارة المالية وإدارة المؤسسات العامة على تصميم آلية لبناء بنية تحتية جديدة للنقل “من شأنها السماح بمشاركة القطاع الخاص على نطاق أوسع”، بحسب الوزارة. قال رافيش راجلال، كبير مديري الرقابة في وحدة إدارة الأصول والخصوم بوزارة المالية، إنَّ وزارة الموارد المعدنية والطاقة، التي يريد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي توليها مسؤولية “إسكوم”، تمت استشارتها كجزء من عملية ترتيب تخفيف الديون.
جدير بالذكر أنَّ مقدار أعباء ديون “إسكوم” يبلغ 423 مليار راند، من بينها 80% تقريباً تضمنها الحكومة، كما أنَّ حزمة الضمانات الحكومية ستنتهي في نهاية الشهر المقبل، ولن تتمكّن الشركة بعد ذلك من سحب الضمانات.