أكد عدد من رواد الأعمال ومؤسسى الشركات الناشئة فى قطاع النقل واللوجستيات أن هناك 5 تحديات تعرقل إطلاق وتأسيس مثل هذه الكيانات فى السوق المحلية، تتمثل فى: نقص التمويل، وضعف نماذج الأعمال، والمشكلات والتحديات الإدارية، إضافة إلى حدة المنافسة، مرورًا بالتصور العام المنتشر بأنها شركات ليست مربحة على غرار نظيراتها العاملة فى قطاع التكنولوجيا المالية.
وأضاف ممثلو عدة شركات أن مشكلة التمويل تأتى على رأس هذه التحديات، لاسيما فى ظل استحواذ المؤسسات الكبرى على الحصة الأكبر من التمويلات.
وأوضح أن نقص التمويل ليس هو المشكلة الوحيدة فى هذا الصدد، وإنما هناك معضلة ضعف نماذج الأعمال، بمعنى أن هذه النماذج لا تحظى بثقة المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، وبالتالى تواجه المصير المحتوم نحو الفشل.
ولفت رواد الأعمال إلى أن المشكلات الإدارية وتعقيد الإجراءات والالتزام الحرفى بالإجراءات يعد كذلك واحدًا من التحديات التى لا يمكن الاستهانة بها عند الحديث عن معضلات الشركات الناشئة فى هذا القطاع، فيما لفت بعض مؤسسى هذه الكيانات الصغيرة إلى أن هناك كثرة من الشركات التى تنشأ فى السوق المصرية، ولكن المشكلة أنها تفشل بمعدل سريع.
بداية قال محمد بكير، الرئيس التنفيذى لشركة «باص 14»، إن هناك عددًا من التحديات التى تعرقل تأسيس وإطلاق الشركات الناشئة فى قطاعى النقل واللوجستيات، أبرزها كون الكيانات الكبرى تستحوذ على النصيب الأكبر من التمويل، ومن ثم لا يجد المستثمرون وصناديق الاستثمار الرغبة لإمداد الشركات الناشئة بالدعم المالى اللازم.
وأضاف أن الشركات الكبرى على غرار سويفل، أوبر، كريم، إن درايفر، عادة ما يقف خلفها كيانات تمويلية كبرى، ومن ثم فإن الأخرى الناشئة لا تجد لديها القدرة على المنافسة، مؤكدًا أن حدة المنافسة تمنع وصول التمويلات إلى الشركات الناشئة.
وأوضح أن هناك ثلاثة أنواع من النقل هي: النقل التشاركي، نقل الموظفين، وأخيرًا نقل طلاب المدارس، مبينًا أن شركته تعمل فى مجال الأخير، على أنها تعتزم المضى قدمًا فى تقديم خدماتها لعدد من الكيانات الأخرى.
يشار إلى أن شركة «باص 14» تعلم فى مجال نقل طلاب المدارس من خلال تطبيق للموبايل، إذ يمكن لأولياء الأمور متابعة ورؤية أولادهم طوال فترة الرحلة للاطمئنان عليهم، من خلال تعاقد سنوي، وكذلك أقساط شهرية.
وبخصوص تحديات تأسيس الشركات الناشئة فى مجال النقل واللوجيستيات، أكد أن الفكرة ليست فى حجم المخاطرة الكامنة فى هذه المؤسسات، بمعنى أن الجهات التمويلية وصناديق الاستثمار عادة ما تكون قادرة على تحمل قدر عال من المخاطرة، وإنما كون الكيانات الكبرى لا تدع الفرصة لنظيرتها الناشئة من الحصول على الحصة الكافية من التمويلات اللازمة لبقائها.
على الجهة الأخرى، لفت أحمد طارق، الرئيس التنفيذى لشركة جديد Jadeed لتكنولوجيا المناخ، إلى أن المشكلة لا تكمن فى شح التمويل الموجه للشركات الناشئة، وإنما فى المعوقات الإدارية التى تعرقل من مسيرة تقدم هذه الشركات.
وأضاف أن تعقيد هذه القوانين، وكثرة الإجراءات تعيق المستثمرين عن القيام بدورهم المنوط بهم تجاه الشركات الصغيرة والمتوسطة فى قطاع النقل واللوجستيات.
وأوضح أن ثمة مشكلة أخرى فى هذه الشركات تتعلق بنماذج الأعمال Business Models بمعنى أن أنها غير فعالة أو جاذبة، وهو ما يحد من شهية المستثمرين لتمويلها أو إمدادها برؤوس الأموال اللازمة لتعزيز حجم أعمالها ومن ثم أرباحها.
وأشار إلى أن هناك تصورًا عامًا مفاده أن هذه الشركات الناشئة فى هذا القطاع بالتحديد غير مربحة، وهو تصور يتعين محاربته حتى تكون هذه الكيانات قادرة على لعب دور فعال فى مشهد ريادة الأعمال بشكل عام.
وذكر أن هذا القطاع ليس من القطاعات الـ Trendy على غرار قطاع التكنولوجيا المالية أو المدفوعات وخلافه، وهى قطاعات تجذب الممولين، سواءً من البنوك أو صناديق الاستثمار، وهو على خلاف ما عليه الحال فى قطاع النقل واللوجستيات.
ومن جانبه، قال حسن عبد النعيم، الرئيس التنفيذى لشركة NextEra BD، أن المعوقات الإدارية والإجراءات القانونية مازالت واحدة من أبرز التحديات التى تحجم من إطلاق العديد من الشركات الناشئة فى قطاع النقل واللوجستيات، خاصة أنها تواجه بالعديد من الأمور الروتينية والبيروقراطية، مما يجعل البيئة غير مواتية لهذه الشركات من الأساس.
وأضاف أن الشركات الناشئة تفضل الحصول على التمويلات من قبل المستثمرين المغامرين وأصحاب رأس المال المغامر وليس من البنوك، لاسيما أنها لا تملك ذات الخبرة التى يتمتع بها المستثمرون سواءً كانوا من الأفراد أو المؤسسات.
وذكر أن NextEra BD تعمل على توفير الحلول التقنية واللوجستية اللازمة لإدماج الاقتصاد غير الاقتصاد الرسمي، مما يجعلها تنهض بمهمة كبرى يمكنها الدفع بالاقتصاد الوطنى قدمًا.
ولفت إلى أنها أبرمت العديد من الاتفاقيات مع شركات كبرى فى المجال على رأسها Jet Express وNile Logistics وغيرها من المؤسسات الفاعلة فى القطاع.
من جانبه قال محمد إسماعيل، المؤسس لشركة إيكومايلز لتقديم حلول ذكية لنقل البضائع، إن قطاع النقل من القطاعات التى تواجه تحديات كبيرة، مما يجعل الكثير منها غير قادرة على الاستمرار فيه.
وأضاف أن أول وأهم مشكلة هى عدم الفهم العميق للسوق؛ إذ تتميز طبيعة سوق النقل بتنافسية عالية كونه قطاعًا حيويًا، مما يؤدى إلى وجود العديد من اللاعبين على مستويات مختلفة، فبعض الشركات تسعى للاستحواذ على حصص كبيرة، بينما تكتفى أخرى بحصص صغيرة، مما يزيد من تنوع وتعدد الشركات المتنافسة فى السوق.
وأوضح إسماعيل أن بعض الشركات تفتقر إلى الأساسيات التى تساعدها على التكيف مع متطلبات هذا السوق، وحتى فى حال توفر الأساسيات، نجد أن بعض الشركات تفتقر إلى المهارات الإدارية الكافية أو التمويل اللازم الذى يتيح لها الاستمرار أو التوسع، خاصة تلك التى تعتمد على التكنولوجيا فى تقديم خدمات النقل.
وأكد أن من أبرز التحديات ضعف القدرات المالية، والذى يمنع الشركات من استقطاب موظفين ذوى كفاءات عالية يمكن الاعتماد عليهم فى تطوير الخدمات التى تقدمها، ويؤدى هذا إلى عجز الشركات عن تقديم خدمة متكاملة أو تنافسية، مما يفقدها مكانتها فى السوق أمام الشركات الأكبر.
وأشار إسماعيل إلى أن التقليد غير المدروس يمثل مشكلة أخرى؛ فغالبًا ما تلجأ الشركات إلى تقليد ما تفعله المنافسة دون التفكير فى حلول مبتكرة تناسب السوق المحلية.
وأضاف إسماعيل أن هناك مشكلة تتعلق بعدم قدرة بعض الشركات على التكيف بسرعة مع متغيرات السوق، خاصة مع التطورات المتسارعة فى قطاع النقل واعتماد التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويؤدى عدم الاستثمار فى تحديث التقنيات وإدارة العمليات بشكل مستمر إلى تراجع القدرة التنافسية، مما ينعكس سلبًا على جودة الخدمة، ويقلل من رضا العملاء وثقتهم ويفقد الشركة فرصًا مهمة للنمو والتوسع.
وفيما يتعلق بتقنيات تحسين الأداء التشغيلي للشركة، قال إسماعيل إن عمل «إيكومايلز» معقد للغاية ويحتاج إلى إدارة دقيقة لكل التفاصيل، لاختيار السيارات المناسبة والطرق الأمثل لصف البضائع، بناءً على الحمولات وأحجامها وأنواع السيارات المستخدمة، وهو ما يتم عبر الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي والتصوير ثلاثي الأبعاد.
ولفت إلى أن قطاع الخدمات اللوجستية يواجه حاليًا عدة تحديات كبيرة، موضحًا أن التكلفة المرتفعة بشكل عام وارتفاع أسعار السولار بشكل خاص يشكلان تحديا رئيسيا، بالإضافة إلى ذلك فإن التضخم المرتفع جدا أدى إلى زيادة الأجور للعاملين فى القطاع.
وأوضح إسماعيل أن بعض الشركات تواجه صعوبات فى الحصول على الاستثمارات اللازمة، نتيجة نقص الوعى الكافى بآليات التمويل وجذب المستثمرين، فكثير من رواد الأعمال يفتقرون إلى فهم عميق للتفاوض المالى والشروط التى يبحث عنها المستثمرون، مما يحد من قدرتهم على توفير السيولة المالية المطلوبة لتطوير أعمالهم، وبالتالى يقلل من فرص الشركة فى الازدهار، ويجعلها محدودة الإمكانيات فى سوق شديد التنافسية.
ومع ذلك يرى أن هناك العديد من الفرص غير المستغلة فى قطاع التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية فى مصر، حجم السوق كبير ويتزايد باستمرار، وهناك توجه واضح نحو التصنيع المحلى الذى يوفر بدائل محلية للمنتجات المستوردة، مما سيزيد من حجم الطلب على المنتجات بشكل كبير ويفتح فرصًا جديدة للتوسع.
ومن جانبها، قالت رائدة أعمال ومؤسسة إحدى الشركات الناشئة، فضلت عدم الإفصاح عن اسمها، إن هناك وجهة نظر ترى أن النقل من بين الخدمات العامة التى من الصعب الثقة على أفراد فى إدارتها، حتى ولو من خلال مؤسسات أو شركات ناشئة.
وأكدت أن شح التمويلات واحدة من التحديات الأساسية التى لا يمكن إغفالها عند الحديث عن معوقات تأسيس الشركات الناشئة فى قطاع النقل واللوجيستيات، لافتة إلى أن هذا القطاع غير جاذب للمستثمرين على خلاف شركات المدفوعات والتكنولوجيا المالية وخلافه.
ولفت إلى أن هناك حاجة ماسة لتفعيل سياسة ملكية الدولة، خاصة فى مجال التحالفات بين القطاعين العام والخاص، مشيرة إلى أن هذه الوثيقة تنطوى على قدر كبير من الأهمية، إلا أن آليات تفعيل التحالفات بين القطاعين العام والخاص لم تؤخذ بعين الاعتبار بعد.
وأوضحت أنه من المهم كذلك العمل على رفع مهارات وقدرات الكوادر البشرية المعنية بالإجراءات الخاصة بتأسيس الشركات الناشئة، مبينة أن المادة رقم 177 من القانون 182 لسنة 2018 اشترطت أن يكون هؤلاء الموظفين الحكوميين حاصلين على نوعية من الدورات وخلافه.